الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بداية الصيام في بلد وإنهاؤه في بلد آخر

السؤال

بسم الله وحده ولا يدوم إلا ملكه.
أولا وقبل كل شيء أشكركم جزيل الشكر على أجوبتكم على أسئلتي وجزاكم الله ألف خير.
أريد أن أسألكم أنا أعيش في إيطاليا، سنة 2008 ذهبت في عطلة الصيف إلى بلدي الأم وأدركني رمضان هناك، لكن المشكلة في بلدي هو أن رمضان كان بعد السعودية بيوم يعني أول أيام رمضان في بلدي هو ثاني أيام رمضان في السعودية، صمت في بلدي 10 أيام، وبعدها رجعت إلى إيطاليا، وهنا في إيطاليا نتبع السعودية يعني نصوم مع السعودية في نفس اليوم. أتممت رمضان في إيطاليا، وكان هنا في ايطاليا طبعا عيد الفطر قبل بلدي بيوم وأفطرت مع إيطاليا. قيل لي إنه يجب علي أن أقضي يوما فقط بعد رمضان.
المشكلة أنني لغاية الآن لم أقض ذلك اليوم، صراحة بسب الكسل والتأجيل ولا أعرف إن كان يتوجب علي أن أدفع صدقة؟
السؤال هل يجب علي أن أقضي فقط ذلك اليوم بعد هذه المدة الطويلة؟ وهل يجب أن أتصدق أم ماذا؟ وهل علي إثم في التأخير كل هذه المدة؟ وهل يجب أن أقضي قبل النصف من شعبان؟أجيبوني جزاكم الله ألف ألف خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما فعلته من الصوم مع البلد الذي كنت فيه والفطر في البلد الذي ذهبت إليه مع أهل كل منهما هو الذي رجحه كثير من أهل العلم، ثم إن كان مجموع ما صمته من الأيام قد بلغ تسعا وعشرين يوما فلا شيء عليك لأن الشهر يكون تسعة وعشرين ويكون ثلاثين.

وأما إذا كان مجموع ما صمته من الأيام ثمانية وعشرين يوما فالواجب عليك قضاء يوم آخر لأن الشهر لا يكون ثمانية وعشرين يوما.

قال الشربيني رحمه الله في مغني المحتاج: ( ومن سافر من البلد الآخر ) أي الذي لم ير فيه ( إلى بلد الرؤية عيد معهم ) وجوبا لما مر سواء أصام ثمانية وعشرين بأن كان رمضان أيضا عندهم ناقصا فوقع عيده معهم في التاسع والعشرين من صومه أم تسعة وعشرين بأن كان رمضان تاما عندهم ( وقضى يوما ) إن صام ثمانية وعشرين لأن الشهر لا يكون كذلك بخلاف ما إذا صام تسعة وعشرين لا قضاء عليه لأن الشهر يكون كذلك. انتهى.

وقال العلامة العثيمين رحمه الله: إذا قدم الإنسان من بلد تأخر صومه إلى بلد تقدم صومه فإنه يجب عليه إذا أفطر أهل البلد الذي قدم إليه أن يفطر معهم؛ لأن هذا البلد ثبت فيه دخول الشهر، فكان هذا اليوم يوم عيد، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام العيدين، وعلى هذا فيجب على هذا الرجل الذي قدم من بلد تأخر صومه عن أهل هذا البلد الذي قدم إليه، يجب عليه أن يفطر مع أهل البلد الذي قدم إليه وما نقص فإنه يقضيه بعد العيد، فإذا كان قد صام ثمانية وعشرين يوماً، فإنه إذا أفطر يقضي يوماً، والعكس بالعكس، يعني لو قدم من بلد صاموا قبل البلد الذي قدم إليه فإنه يبقى حتى يفطروا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الصوم يوم يصوم الناس، والفطر يوم يفطر الناس».

وقال بعض العلماء: إنه إذا أتم ثلاثين يوماً فإنه يفطر سرًّا، لأن الشهر لا يمكن أن يزيد على ثلاثين يوماً، ولا يعلن إفطاره؛ لأن الناس صائمون.

وقال أيضا: الواجب عليك أن تفطر مع البلد الذي أدركك العيد وأنت فيه، ثم إن كان شهرك ناقصاً عن التسعة والعشرين فأكمله، وإن تم تسعة وعشرين فإن الشهر يكون تسعة وعشرين، ويكون ثلاثين فلا يلزمك إتمام الثلاثين إلا أن يكون تامًّا في البلدين، فإن الواجب عليك إتمام الثلاثين. انتهى.

وإذا كان قد لزمك قضاء يوم فكان الواجب عليك أن تقضيه قبل دخول رمضان التالي، أما وقد أخرت القضاء فالواجب عليك الآن أن تبادري به فورا، وعليك فدية طعام مسكين مدا من طعام أي 750 جراما لتأخيرك القضاء من غير عذر إلا إن كنت جاهلة بحرمة التأخير فلا شيء عليك كما في الفتوى رقم: 123312.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني