الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أريد أن أسأل عن الغيبة والظن السوء بالناس وكيف أتوب منهما.
كنت قد اغتبت رجلا مسيحيا عدة مرات وظننت به ظنا سيئا جدا بناء على مواقف حدثت بيننا منذ أكثر من ستة أعوام، وأنا الآن وقد تكلمت معه وتعرفت عليه أفضل من السابق عرفت أنني قد ظلمته وأشعر بتأنيب الضمير نظرا لأن ذلك الرجل شخص محترم وعلى خلق عال، كما أنه لم يظن بي ظنا سيئا كالذي ظننته به كما أنني كنت أعامله بمنتهى الجفاء وهو كان يعاملني بمنتهى الأدب والاحترام، كما أنه قد سامحني على معاملتي له بمنتهى الجفاء ولا أعلم كيف أتوب. بحثت كثيرا على النت عن أي إجابة لسؤالي ووجدت مواقع يقولون إنه لا يجب أن نغتاب أهل الكتاب. وللتوبة عن ذلك يجب العودة لمن قمت باغتيابه أمامهم لأقول إنني قد أخطأت في حق فلان ولقد اتضح أنه ليس كما قلت لكم عليه، وأقول عنه كلاما حسنا كلما استطعت وأنني يجب أن أذهب إليه وأقول له إنني كنت قد قلت عنك كذا وكذا فهل يمكن أن تسامحني؟ إلا أنني لا أستطيع أن أفعل ذلك لأنني بعد تفكير في الأمر أرى أنه لا يصح عمل ذلك من جهه لأنني إن قلت له ذلك فلن أكسب شيئا بل على العكس حيث إن ذلك الرجل كان استاذي في المدرسة وأنا أكن له كل الأحترام، فإن قلت له إنني قد ظننت بك الظن الفلاني وهلا سامحتني فأنا لن أكسب إلا كرهه وعدم احترامه لي ولربما أيضا أشعرته بالحزن، وأنا لا أريد أن أفعل هذا كما أنني أرى أنني أن فعلت ذلك ألن يكون هذا إشهارا لذنب قد ستره الله علي وأنا لا أستطيع أن أذهب لمن قمت باغتيابه أمامهم لأننا قد قطعنا علاقتنا أو بالأحرى هم من قطعوا علاقتهم بي ولا يريدون أي علاقة بي، ولقد حاولت أن أكسب صداقتهم لي بكل ما استطيع في الماضي إلا أنهم لم يقبلوا حتى شعرت أنني قد فقدت كرامتي أمامهم من كثرة محاولاتي وأنا لا أستطيع أن أبحث عنهم بعد كل تلك الفترة حيث إن بعضهم لا أملك أرقام هواتفهم ومن أستطيع أن أصل إليه لا أريد أن أصل إليه لأنهم قد آذوني وأنا قد سامحتهم لكن لا أريد أي علاقة بهم لأنهم لا يريدون أي علاقة بي، ولقد اكتفيت بأن أشعر بالذنب تجاه ذلك الرجل والندم على فعلتي والتوقف عنها والتكلم عنه بالكلام الحسن أمام أختي التي تعرفه لأنه كان أستاذها أيضا، وحتى إنني أقوم بالدفاع عنه إذا قامت أختي بالتكلم بالسوء عنه، وقد عزمت على عدم العودة ثانية لاغتيابه مرة أخري ولكنني لا أعلم إن كان هذا يكفي للتوبة أم لا ولكنني أشعر بالخوف الشديد أن يعرف ما قد قلته عنه في الماضي من الناس الذين قمت باغتيابه أمامهم. وانا لا اريده أن يعرف ذلك منهم. أقوم بالتفكير في هذا الموضوع كثيرا في أثناء اليوم ولا أعرف ما الذي يجب عمله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد سبق أن بينا بالأدلة وأقوال أهل العلم أن الغيبة حرام في حق المسلم والكافر غير الحربي لأن الشرع عصم دمه وعرضه وماله، انظر الفتوى: 23256.

ومن فضل الله تعالى ولطفه بعباده أنه فتح لهم باب التوبة من الغيبة ومن غيرها من الذنوب والمعاصي. قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. {الزمر:53}.

وقال صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا. رواه مسلم.

ولذلك فإن الواجب عليك أن تبادر بالتوبة النصوح إلى الله تعالى، ويلزمك مع ذلك التحلل ممن اغتبته وإعلامه بما حصل إن كان قد علم بغيبتك له، وأما إن لم يكن علم بها فالأولى أن تتحلله منها تحللا عاما ولا تذكر له أنك قد اغتبته حتى لا يغضب أو يمتنع من المسامحة... وينبغي أن تكثر له من الدعاء بالهداية، وأن تثني عليه بما علمته فيه من خير.

وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى: 66515.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني