الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التثبت في اتهام الناس لئلا يصاب قوم بجهالة

السؤال

ما حكم الدين في من يكذب على الناس وهو صائم الصبريات أي 6 يام بعد شهر رمضان ثم ينكر ويقسم بالله أنه لم يفعل ذلك رغم الشهود والأدلة التي ضده. و ما حكم مسؤوله الذي يعرف سلوكه الخراب ولا يفعل شيئاً لأنه أي الإنسان الكاذب ينشط في نقابة عمالية. و شكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فالكذب محرماً تحريماً شديداً في الشرع لمنافاته للصدق، والذي هو أساس الإيمان، ولذلك لا يطبع المؤمن الحق على الكذب، ففي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً. وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً" فإذا علم من حال الأخ المذكور الكذب فعليكم بنصحه وتذكيره بالخير الذي عنده من صيام وعبادة، وأن من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه. وأنه يجب عليه الابتعاد عن الكذب، فإن فيه الهلكة مهما ظن أنه ينجيه، وعلى المسؤول عنه إن لم يحسن حاله عدم إسداء أي مسؤولية إليه، لأن مثله لا يؤمن على عمل، لكن عليكم التنبه إلى أن وجود أدلة وشهود ضد هذا الأخ مع نفيه لها بيمينه لا يلزم منه كذبه، فقد يكون هناك لبس في الأمر لا يستبين إلا بالرجوع إلى القضاء. ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رأى عيسى ابن مريم رجلاً يسرق، فقال له: أسرقت؟ قال: كلا، والذي لا إله إلا هو، فقال عيسى: آمنت بالله وكذبت عيني." .
فـ عيسى ابن مريم صدق الرجل في حلفه، وكذب عينه فيما ظهر له من كون المأخوذ سرقة، فإنه يحتمل أن يكون الرجل أخذ ما له فيه حق، أو ما أذن له صاحبه في أخذه، ونحو ذلك. وقال ابن القيم في (إغاثة اللهفان) في تأويل الحديث: (والحق أن الله كان في قلبه -أي عيسى- أجلَّ من أن يحلف به أحد كاذباً، فدار الأمر بين تهمة الحالف وتهمة بصره، فرد التهمة إلى بصره، كما ظن آدم صدق إبليس لما حلف له أنه له ناصح)انتهى.
فعلى المسلم التحري والتثبت في اتهام الناس.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني