الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الترغيب في العفو عن الناس

السؤال

أريد أن تجيبني في مشكلتي يا شيخ: كنت حاملا في الشهر ٥ وذهبت إلى الجزائر لمدة شهر فقعدت عند أهل زوجي ٢٥ يوما وعند عائلتي٥ أيام، لكنني كنت فرحة ولم تكن عندي أي مشكلة وعندما عدت إلى فرنسا تكلم زوجي مع أخته وأمه وحتى أنا تكلمت معهم وسألتهم كيف الأحوال فبدأوا بشتمي أنا وأبي وأختي بمشاكل لا أعرف عنها شيئا فبدأ زوجي بضربي في شهر رمضان وأنا حامل وصائمة لا أعرف لماذا يضربني على أشياء لا أعرف عنها شيئا أقسم بالله فلم أستطع المقاومة من الضرب والظلم في آن واحد فولدت في الشهر ٧ لكن زوجي طلب مني السماح فسامحته، لأنها لحظة غضب، لكنني لا أستطيع أن أسامح من ظلمني ظلما كبيرا وما زال يؤذيني حتى اليوم، أرجوك أريدك أن تنور عقلي كيف أعاملهم الآن؟ كرهت حتى منزلهم لا أريد حتى رؤيتهم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن ضرب الزوجة لغير مسوغ شرعي والاعتداء عليها أمر لا يجوز وهو من سوء العشرة وقبيح الفعال فالشرع قد أوصى بالزوجة وأمر بالإحسان إليها، كما هو مبين بالفتوى رقم: 61085.

وعندما أباح الشرع ضرب الزوجة أباحه في حالة خاصة وهي حالة نشوزها، وعلى كيفية معينة وهي الضرب غير المبرح، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 69.

وقد كان الواجب على زوجك التثبت فيما نقل إليه عنك من خبر، فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ {الحجرات: 6}.

وقد أحسنت بمسامحتك لزوجك، فذلك من أجل الأعمال وأعظم القربات كما جاء في نصوص القرآن والسنة والتي قد ذكرنا بعضها بالفتوى رقم: 27841، فراجعيها.

وإن كان أهل زوجك قد رموك ورموا أباك وأختك بالبهتان فهم آثمون بذلك إثما مبينا، قال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا {النساء:58 }.

وللفائدة بهذا الخصوص راجعي الفتوى رقم: 18354.

ولكن لا تفوتي على نفسك فرصة الحصول على المزيد من الحسنات والدخول في زمرة المتقين العافين عن الناس والله يحب المحسنين، ثم إنك بذلك قد تجنين كثيرا من الفوائد الدنيوية كأن تكون لك حظوة عند زوجك فتحسن العشرة وتحصل المودة، هذا بالإضافة إلى تفويت الفرصة على الشيطان في حرصه على تشتيت شمل الأسر وتفريق قلوب الأحبة، ففي صحيح مسلم عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول فعلت كذا وكذا، فيقول ما صنعت شيئا، قال ثم يجيء أحدهم فيقول ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته قال فيدنيه منه ويقول نعم أنت. قال الأعمش أراه قال فيلتزمه.

وننبه إلى أنه يجب على الزوج أن يدفع عن زوجته أذى أهله من باب نصرة المظلوم وتغيير المنكر، وينبغي أن ينصحهم بلطف ويذكرهم بالله تعالى وأليم عقابه إن استمروا على مثل تلك التصرفات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني