الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

النصيحة المزينة بالأدب تدخل شغاف القلوب

السؤال

في إحدى حصص الدرس في الجامعة قام هاتف أخت بالرنين، وكانت وضعت في صوت هاتفها أناسا يهتفون ويكبرون الله أكبر الله أكبر كأنهم في مظاهرة يعني الصوت كان لا أقول مخيفا إلا أن الذين يكبرون كان فيهم حماس كبير، وفي الحال الفتاة قامت بإسكات هاتفها، ولكن في آخر الدرس طلب منها أخ تغيير صوت هاتفها لأن الذين يكبرون كأنهم غاضبون، وصوتهم ليس نديا مما يمكن أن يعطي صورة سيئة عن الإسلام لزملائها الغربيين الذين في نفس الصف، إلا أن الأخت لم يعجبها الكلام وأجابته بأنها تفضل هذا الصوت على صوت الموسيقى .وأنا رأيت أن الطريقة التي نصح بها الشاب الفتاة كانت غير حضارية، حيث قلت له إنه كان عليه أن لا يجرح مشاعرها، وأن ينصحها بحسن وبطريقة جيدة، وأيضا قلت له إن هذا من حقها أن تضع أي صوت تشاء في هاتفها، ما دامت تحافظ على عدم إدخالها أماكن الخلاء إلخ، فهي حرة لكن الإخوة قالوا لي إنهم يزعجهم هذا الصوت، وهو يدخل أيضا في عدم احترام من في جوارها من زملاء؛ إلا أن البنت نسيت أن تغلق هاتفها، وهذا يحدث، وأيضا لماذا هذا الصوت يزعج ولا يزعج صوت مزمار الشيطان يعني انتقدوا الأخت بطريقة غير لائقة، وانتقدوا الأخوات اللواتي لا يتكلمن كثيراً مع الإخوة، ويقولون إنهن متشددات ومنغلقات على أنفسهن، فقلت لهم إنه من حقهن، وفي الإسلام العلاقات بين الجنسين لها شروط، لكن الإخوة لا يتفهمون، ومجرد الحوار معهم في هذه الأمور، ومحاولة الشرح لهم يتهمونني بالجدال، وأنا لا أجادلهم بل أحاول فقط شرح الأمر لهم. فأحببت أن أعرف هل أذنبت في الدفاع عن تلك الفتاة؟ وشكراً لكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالمطلوب ممن أراد النصح عموماً أن يلتزم الرفق ويتكلف اللطف، فإن الرفق أدعى إلى استجابة المدعو وقبوله، والعنف والزجر غالباً ما يؤدي إلى النفور، قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ.. {آل عمران:159}، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة: يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله. متفق عليه. وقال: عليك بالرفق إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه. رواه مسلم.. وقد سبق أن بينا أن الأولى اجتناب استخدام الآيات القرآنية وسائر الأذكار كتنبيه في الهاتف، فإن هذا ربما جر إلى محظورات، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 64774.

فإن انضم إلى ذلك كون هذه الأذكار على هيئة قد تزعج بعض الناس كهتافات التكبير في المظاهرات ونحوها فينبغي تجنب هذا أيضاً لئلا يوقع الناس في الحرج بأن ينفرهم من شعائر الله جل وعلا، من هنا يعلم أن إنكار الزملاء على هذه الفتاة له وجه في الجملة، لكن ربما فاتهم تحسين الأسلوب ومراعاة مشاعرها..

أما إنكارهم على من تتحفظ في تعاملها مع زملائها الذكور فهذا الإنكار يحتاج إلى إنكار، ووصف أولئك اللاتي يتحفظن في التعامل مع الزملاء الذكور بالتشدد والانغلاق لا يليق، ويحمل معاني فاسدة، وليعلم أن التعامل بين الرجال والنساء له حدود وضوابط بينها العلماء في كتبهم، فليراجع طرفاً من ذلك في الفتوى رقم: 21582، والفتوى رقم: 58132.. وبهذا تعلم أن دفاعك عن هذه الفتاة وعن هؤلاء الأخوات صواب وموافق للشريعة في الجملة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني