الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اتهام المسلمة بالزواج من نصراني هل يعد قذفا

السؤال

هل يوجد حد قذف على من اتهم مسلمة بالزواج من نصراني ثم تبين له خطؤه واعتذر لها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن اتهام المسلمة بالزواج من نصراني لا يعتبر قذفا يستوجب حد القذف المذكور في كتاب الله تعالى، وإنما فيه التعزير بحسب اجتهاد الحاكم إذا كان صاحبه كاذبا.

ولا شك أن زواج المسلمة بغير المسلم نصرانيا كان أو غيره لا يجوز ويلزم التفريق بينهما ولا يترتب عليه شيء من أحكام النكاح الصحيح، لقول الله تعالى: وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا.{البقرة:221}

وقوله تعالى: لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ {الممتحنة:10}

وللحاكم أن يعزر من فعلت ذلك بما يردعها، ولكن ليس عليها حد الزنا كما جاء في حاشية العدوي وشرح الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المالكي: لَوْ تَزَوَّجَتْ الْحُرَّةُ الْمُسْلِمَةُ بِمَجُوسِيٍّ أَوْ بِكَافِرٍ غَيْرِهِ لَمْ تحُدَّ وَإِنْ تَعَمَّدَتْ.

وإذا لم يكن عليها الحد بذلك فليس على من اتهمها به حد، فقد نص أهل العلم على أن من لم يكن عليه حد في الفعل لم يكن على قاذفه به حد.

قال في مواهب الجليل ناقلا عن ابن عرفة وهذا ينقل عن المدونة: كل ما لا يقام فيه الحد ليس على من رمى به رجلا حد الفرية. انتهى.

فلا يحد من قذف صبيا مثلا بزنا لأنه لا حد عليه، فقد روى عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن الزهري قال من قذف صبيا أو صبية فلا حد عليه.

أما القذف الذي يكون على صاحبه الحد فقد عرّفه صاحب الكفاف بقوله:

القذف أن يرمي حرا مسلما بنفيه نسبه أو الزنا

وهو عاقل عفيف أو جهل وإن بتعريض به لا يحتمل

وننبه هنا إلى أن ظن سوء بالمسلم حرام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تجسسوا.. الحديث متفق عليه.

وقد عدّ الإمام الغزالي في الإحياء سوء الظن من المهلكات فقال: اعلم أن سوء الظن حرام، مثل سوء القول، فكما يحرم عليك أن تحدث غيرك بلسانك بمساوئ الغير فليس لك أن تحدث نفسك وتسيء الظن بأخيك.

وما دام هذا الشخص قد اعترف بخطئه وتاب منه واعتذر فإنه لا شيء عليه إن شاء الله تعالى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني