الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الثقة بالنفس.. رؤية شرعية أخلاقية

السؤال

يدعو علم التنمية البشرية إلى دعم الإنسان لثقته بنفسه بأن يؤمن بقدراته ومواهبه وإمكانياته، بأن يؤمن بأنه ذكي حتى يتصرف بذكاء، وأنه قوي حتى يتصرف بشجاعة، وأنه ناجح وقادر على النجاح والتفوق حتى يكون ناجحا ـ أي يعيش في حالة نفسية وشعورية قوية وإيجابية تدعمه وتقويه وتعطيه همة وتفاؤلا وشجاعة ونبذ الخوف من المحاولة والفشل بسبب ضعف الثقة بالقدرات ـ وهذا مثلا بأن يكرر الإنسان عبارات إيجابية مثل أنا ناجح عدة مرات ويبرمج عقله على هذا حتى يؤمن به، فهل من جهة الدين يدعو الشرع لهذا بأن يثق المسلم في مواهبه وقدراته من جهة أن الله وهبه إياها وأنه إذا استعملها يستطيع أن يتغلب بها على كل الصعاب التي تواجهه، وأن يقر هذه القدرات في نفسه ويؤمن بها ويحدث بها نفسه دون تكبر بها على البشر، أو غرور وإنما فقط لإعلاء الهمة والروح المعنوية ـ طبعا مع شكر الله والاعتراف بفضله؟ أم أن هذا غير مباح ومن المنهي عنه في الشرع، ويتعامل المسلم مع نفسه بالذم والتوبيخ كما كان يفعل السلف الصالح؟ وقد جربت هذه الطريقة من ذم النفس وتوبيخها مما أثر على ثقتي بنفسي والشجاعة في مواجة المواقف والصعوبات وضعف الشخصية وأصبحت ليس لها تأثيرا، أو ملامح، لأنني دائما أوبخها وأشكك فيها، أرجو التوضيح وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ذكرنا في الفتويين رقم: 120204ورقم: 121281حكم علم التنمية البشرية.
ثم إن الثقة بالنفس بعد التوكل على الله مطلوبة شرعا، فالمسلم يتعين عليه أن يحسن الظن بالله تعالى، وأن يتفاءل لنفسه الخير والنجاح دائماً، ويسعى باستمرار في سبيل الارتقاء لتحصيل الكمال، ويستخدم لذلك فكره وطاقته، ويبذل جهده وما تيسر له من الوسائل في تحقيق طموحاته والوصول إلى أهدافه، فقد قال الله تعالى: فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين { آل عمران: 159}.
وفي حديث الصحيحين: يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي.
وفي رواية لأحمد: أنا عند ظن عبدي بي، فإن ظن بي خيراً فله، وإن ظن بي شراً فله.
وفي حديث مسلم: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل.
وأما عدم الثقة بالنفس: فهو نوع من العجز لا يرتضيه الإسلام، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من العجز، يقول صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال، قال: ففعلت ذلك فأذهب الله عز وجل همي، وقضى عني ديني. رواه الترمذي وحسنه.
ولا بأس بالنظر في عواقب الأمور، ووضع احتمال الإخفاق في أمر ما، والنظر في العلاج لما يمكن حصوله، فيحذر من أسباب الفشل ويحاول إصلاح ما فسد، ولمعرفة بعض سبل علاج عدم الثقة بالنفس راجع الفتويين: 2549675418
ويمكنك كذلك الدخول على قسم الاستشارات بالشبكة الإسلامية، والبحث بكلمة: عدم الثقة بالنفس ـ لتطلع على بعض التوجيهات النافعة في هذا المجال.
وأما الاتهام للنفس الذي كان يفعله السلف فهو اتهامهم أنفسهم بعدم الوصول للإيمان المطلوب وخوفهم على أنفسهم من النفاق، ولكنهم إذا أرادوا أمرا توجهوا له بعزم وجد وتوكل على الله في إنجاح وتحقيق مآربهم وهذا هوالتوكل الذي عرفه العلماء بمباشرة الأسباب مع استشعار أنها لا تؤثر إلا بإذن الله، كما في الحديث: قيدها وتوكل. رواه الحاكم وجود إسناده الذهبي وحسنه الألباني.
وفي رواية: اعقلها وتوكل. رواه ابن حبان والترمذي وحسنه الألباني.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني