الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الشجاعة...تعريفها..فضل الأخذ بها..والفرق بينها وبين القوة

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيمماهو تعريف الشجاعة في الإسلام- هل هو عدم الخوف أو هو إخافة الخصم أوهو إظهار الحزم والشدة أو هو القدرة على ردع الخصم-وهل يوجد نص قرآني أو حديث شريف يبين ذلك- وأيهما أفضل كثرة العلم أو كثرة الشجاعة- وما هي الخطوات العلمية والعملية في اكتساب صفة الشجاعة. والسلام عليكم ورحمة الله

الإجابــة

الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فالشجاعة كما عرفها ابن القيم -رحمه الله- هي ثبات القلب عند النوازل وإن كان ضعيف البطش. فهناك تغاير بين القوة والشجاعة فالصديق رضي الله عنه أشجع الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عمر وغيره أقوى منه لكنه برز على الصحابة كلهم بشجاعته التي هي ثبات قلبه في كل موطن من المواطن التي تزلزل الجبال.
وقد تضافرت نصوص الكتاب والسنة في حث المؤمنين على الأخذ بأسباب القوة، وعلى الثبات في وجه الأعداء والإقدام في سبيل الله .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشجع الناس، فقد روى البخاري عن أنس رضي الله عنه أنه قال "كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وأشجع الناس و أجود الناس، ولقد فزع أهل المدينة وكان النبي صلى الله عليه وسلم سبقهم على فرسه" .
بل جُعل رزق رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت ظل سيفه ورمحه، فقد روى الإمام أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم".
ويكفي الشجاع المؤمن شرفا أن الله يحبه قال سبحانه ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ) (الصف:4) .
وأخرج أحمد عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ("ثلاثة يحبهم الله ...وذكر منهم: الرجل يلقى العدو في فئة فينصب لهم نحره حتى يقتل أو يفتح لأصحابه… الحديث" .
ويكفي الجبان مذمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان كثيراً ما يتعوذ من هذه الصفة، فقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم دعوات لا يدعهن كان يقول:
"اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وغلبةالرجال" رواه النسائي .
فكل من الشجاعة والقوة خلق فاضل يتحلى به أهل الإيمان، وسبب من أسباب نشر هذا الدين بين الأنام .
فالله سبحانه أقام دين الإسلام بالحجة والبرهان، وبالسيف والسنان، فقال تعالى :
(لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (الحديد:25) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- قوام هذا الدين كتاب يهدي وسيف ينصر وكفى بربك هادياًُ ونصيراً .
وهناك فرق بين طلب العلم وبين الشجاعة فطلب العلم فريضة وقربة، بينما الشجاعة خلق جبلي أو مكتسب، وطلب العلم لا يكون إلا من المؤمنين، بينما الشجاعة هي خلق مشترك بين المؤمنين وغيرهم، وإن كان أكمل أنواعها لأهل الإيمان.
والشجاعة يمكن اكتسابها بالتعود على الإقدام، وإزالة حواجز الخوف والتضرع إلى الله والتعوذ به من الجبن والخور، ويمكن أن يرجع في كل ذلك إلى كتاب الفروسية
لابن القيم رحمه الله.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني