الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف يتعامل مع أصهاره إذا أساءوا إليه وإلى والدته

السؤال

شيخنا الكريم جزالك الله خيرا: لي زوجة طيبة وصالحة، ولكن أهلها لا يحترمونني ولا يكنون لي أي تقدير خاصة والدها، حتى إنهم يتدخلون في شؤون حياتنا، وخاصة فيما يتعلق في ذهابها عندهم يتصلون عليها ويطلبون منها أن تأتيهم، ويطلبون منها أن تبيت عندهم وتتركني، ومع ذلك كنت أسمح لها بالمبيت حتى وصلت إلى مرحلة أنها ترضي أهلها على حسابي بأن ترضيهم وتغضبني، وكنت والله أتحمل كثيرا من أهلها من عدم الاحترام وعدم التقدير، ولا أنطق بكلمة، وكنت دوما أشكو لزوجتي لماذا هم يفعلون بي هكذا؟ فما كان منها إلا أن تحاول التبرير لهم، وبالرغم من كل هذا كنت أحرص دوما على أن أجعلها تصلهم، وفي يوم من الأيام حملت زوجتي ثم أنجبت لي والحمدالله ولدا، فبدأت من هنا المشاكل تزيد وتكبر، وخاصة عندما طلبت من زوجتي أن تقضي فترة ما بعد الولادة بين بيت أهلها وبيت أهلي حتى يتسنى لهم أن يفرحوا بأول حفيد ولد لهم، وحتى أرضي الطرفين ولكن ذلك لم يعجب أهلها، وأصررت على موقفي وقضت زوجتي عند أهلها تسعة أيام ثم طلبت منها أن تذهب لتقضي مثلهم عند أمي، فذهبت لتقضي عند أهلي مثل ما قضت عند أهلها، ولكن ذلك لم يعجب والدتها وبعد يومين بدأت تطلب منها العودة إليها، وكانت تقول لها زوجي يرفض، ولكنها كانت تصر عليها حتى لو كان ذلك رغم أنفي، ويشهد الله أن زوجتي كانت تطعيني دوما، وللأسف بمجرد التحدث لوالدتها كانت تنسى كلامي وتحاول إرضاء والدتها، ومن هذا أني رفضت، فما كان من والدها ووالدتها إلا أنهم غضبوا مني فأصبح والدها لا يكلمني حتى إنه قابلني بعد ذلك وسلم علي بجفاء، وفي نفس اليوم كنت أقف في الطريق وهو قادم منه، فلما رآني أدار وجهه عني ومشى عكس الطريق، وبعد كل هذا الذي يحدث منهم كنت أسمح لابنتهم بالذهاب لهم ومكالمتهم، وللأسف لا أجد منهم أي تقدير لذلك ولا احترام، وكانوا دوما يحاولون إرغام زوجتي على أن تعامل أهلي معاملة سيئة، ولكن زوجتي كانت تقول لهم لا أستطيع فإن أهل زوجي يحبونني ويحترمونني، فما يكون منهم إلا أن يقوموا بمعاملة أمي بطريقة سيئة، وذات يوم حدثت عندهم مناسبة ولم يدعوا أمي إليها، ولكن أمي ذهبت لتجاملهم في فرحهم وقالت لي سوف أذهب حتى إذا كنت لست مدعوة فهؤلاء أصهارنا، فما كان منهم إلا أن قاموا بإيذاء أمي بكلام سيء، ورفعت والدة زوجتي صوتها على أمي واتهمتها بأنها هي من أجبرتني على أن تقضي زوجتي ما بعد الولادة في بيت أهلي، وأن أمي هي من منع زوجتي من قضاء بقية أيام النفاس عندهم، وكل ذلك كان بصوت مرتفع وحاد حتى خرجت أمي من عندهم مطرودة أي طردوها بأفعالهم، فما كان مني بعد أن علمت ما فعله أهل زوجتي إلا أن حلفت عليها إن كلمتهم أو خاطبتهم هاتفيا سواء أمها أو أباها أو أختها فهي طالق، ويعلم الله أني كنت أنوي بهذا اليمين أن لا تكلمهم لفترة معينة حتى يتأدبوا وأن يكفوا عن التدخل فيما لا يعنيهم على أن تعاود مكالمتهم بعد أن أأذن لها، فما كان من زوجتي إلا أنها أطاعتني، فهل يا شيخنا الكريم عندما أسمح لها مرة أخرى بمعاودة مكالمتهم يقع الطلاق؟ وهل علي كفارة؟ وهل علي ذنب إن منعت زوجتي عن أهلها لأنهم كثيرا ما يسببون المشاكل لنا؟ ومن أحق بالرضا؟ وهل على زوجتي فعل ما يرضي والديها أم ما يرضيني؟ وهل يحق لي منع زوجتي من أي أحد حتى لو كان أهلها أم لا؟ ولكم كل الشكر والتقدير والاحترام.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيمكن الجواب عن سؤالك من خلال النقاط التالية:

1ـ يمين الطلاق يمين محرمة لا يجوز الحلف بها شرعا، وجمهور أهل العلم على وقوع الطلاق إن حصل الحنث خلافا لشيخ الاسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ الذي يرى أنها يمين كفارتها كفارة يمين إن كان قصد الحالف مجرد المنع أو الحث، وقد ذكرت أنك نويت بيمينك مدة معينة، والنية تخصص اليمين، قال خليل: وخصصت نية الحالف وقيدت إن نافت وساوت في الله وغيرها، كطلاق. اهـ

وقال ابن قدامه صاحب الشرح الكبير: ويرجع في الأيمان إلى النية، فإن لم تكن له نية رجع إلى سبب اليمين عند المالكية. انتهى.

وبالتالي، فلا يقع الطلاق لو انقضت المدة التي نويتها وأذنت لزوجتك في مهاتفة أهلها أوزيارتهم ونحو ذلك.

2ـ أذية أهل زوجتك لك أولأمك لا تجوز ولا ينبغي أن تمنع زوجتك من زيارة أهلها بسبب الخلاف بينكما إلا إذا كانوا يفسدونها عليك لتعصي أمرك وتؤذيك فلا حرج عليك حينئذ في منعها من زيارتهم، والأولى أن تظل على إحسانك إليهم وعدم معاملتهم بمثل ما يعاملونك به من الجفاء، فقد قال الله تعالى: ادفع بالتي هي أحسن السيئة فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم { فصلت:34}.

ومن غايات الزواج الألفة بين الأصهار والتحابب بينهم فهو نسب سببه ذلك الزواج ومصاهرة تقتضي الإكرام والتوقير، فأحسن إلى أصهارك وإن آذوك أو جفوك فلا ترد عليهم بمثل ذلك، وستجد حالهم يتبدل فينقلب جفاؤهم مودة وبعدهم قربا.

3ـ طاعة الزوج في المعروف أوجب على الزوجة من طاعة والديها، لكن ينبغي للزوج استعمال حقه على زوجته في المعروف، فلا يمنعها من صلتهما أوزيارتهما، لأن في ذلك قطعا لرحمها وأذية لها ومخالفة للأمر بمعاشرتها بالمعروف، كما بينا في الفتوى رقم: 117262.

ولك على زوجتك ألا تأذن في بيتك لمن تكره دخوله إليه ولو كان أبويها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: وأما حقكم على نسائكم: فلا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون. رواه الترمذي وغيره.

وأما منعها من زيارة أبويها فلا يجوز لك فعل ذلك إلا لخشية ضرر، كما بينا في الفتوى رقم: 110719.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني