الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

لقد قرأت فتواكم رقم: 95508، عن المن وأعرض على سيادتكم أنني كنت محتاجا وأنا صغير أدرس وكان أخي يعاملني معاملة سيئة يمن علي من بشدة بما أنفق حتى إني تأخرت في دراستي ورسبت كثيرا حتى أنفق على دراستي من عملي فعملت وأنا طالب حتى تخرجت، والآن عنده أولاد وطلق زوجته وترك أولاده وأنا أساعد أولاده براتب شهري، لأنني أخشى عليهم جدا من التشرد، ولكنني أخشي جدا من المن أو محاولة إظهار أني أساعدهم أو يعرف أحد أني أفعل هذا حتى لا يكون نوعا من الانتقام باللوم حتى إني طلبت من زوجته أن لا تخبر أحدا حتى إن زوجتي ترسل المال إلى أولاد أخي على أنه دين في رقبتي لأخي وفضيلتكم تعرف النساء فالمؤكد أن إخوتي سيعرفون ولا أريد أن أظهر بمظهر الكريم الذي يعطي، فالله وحده هو المعطي الوهاب، فماذا أفعل؟ فأنا أشعر بضيق شديد من الإحساس أني أرد إساءته بإحسان
وأخاف جدا من المن، فالمال في الحقيقة من الله عز وجل.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فلا شك أن نفقتك على أولاد أخيك المحتاجين يعتبر عملا صالحا تؤجر عليه ـ إن شاء الله تعالى ـ إن ابتغيت بنفقتك عليهم وجه الله عز وجل, وخوفك من الوقوع في المن خوف محمود، ولكن لا ينبغي أن يكون ذلك سببا في قطع نفقتك عليهم، والمن المذموم -كما قال أهل العلم- هو تعداد النعم على المنعم عليه كأن يقول له: أعطيتك كذا ومنحتك كذا وفعلت لك كذا ونحو هذا الكلام, قال ابن العربي المالكي في أحكام القرآن: الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَهُوَ الْقَوْلُ فِي تَحْقِيقِ الْمَنِّ، وَهُوَ يَنْطَلِقُ عَلَى مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا الْعَطَاءُ، وَالثَّانِي التَّعْدَادُ عَلَى الْمُنْعَمِ عَلَيْهِ بِالنِّعَمِ. اهـ.

فإذا لم يحصل منك هذا المعنى فلست بمنان ولا يلحقك إثم المن, واجتهد في أن تكون نفقتك خالصة لوجه الله تعالى بأن تنوي بها التقرب إليه بتلك النفقة وصلة الرحم وسد حاجتهم وحفظهم من الانزلاق في مساوئ الأخلاق, فإذا نويت ذلك أجرت ـ بإذن الله تعالى ـ ومقابلة الإساءة بالإحسان محمودة شرعا، كما قال تعالى في سورة الرعد: وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ.{ الرعد:22}.

قال ابن كثير ـ رحمه الله تعالى: أي: يدفعون القبيح بالحسن، فإذا آذاهم أحد قابلوه بالجميل صبرا واحتمالا وصفحا وعفوا، كما قال تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ { فصلت: 34، 35} اهـ.

فاستمر في النفقة على أولاد أخيك وأبشر بالخير والثواب من الله تعالى ولينشرح صدرك بتوفيق الله لك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني