الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم استخدام المعاريض للاحتيال أو لتبرير بعض الأمور المحرمة

السؤال

صراحة لم أعرف هذا الحديث: "المعاريض مندوحة عن الكذب" إلا مؤخرا.
واحد من أعز أصدقائي وليس شخصا معرفة, كنا كشخص واحد, يبدو أنه قرأه منذ عامين لغرض إخفاء شيء ما, ثم تطور الأمر معه إلى أن أصبح نهج حياة, وهذا الأمر مزعج جدا جدا, فلم يعد ثقة بيننا بتاتا من ناحيتي, سواء أكان هذا الحديث صحيحا أم لا, أو لعدم فهم صديقي له, أو لعدم تحملي لهذا التصرف.
القصة كالتالي, والسؤال هل هذا كذب أم تعريض أم شيء اخترعه هو (مكر, تضليل, خداع مثلا ) هل يجوز له فعل ذلك خصوصا أنه أصبح نهج حياة وليس شيئا عابرا!!!
صديقي بالجامعة كان من النوع الملتزم الذي يعيب الجلوس مع الفتيات لأن هذا يعد إحدى مبادئه وقد كان عدم الكذب من مبادئه الأخرى, ولكنه تنازل عن الأول واستعمل التعريض ليخفي ذلك وليقول إنه لم يتنازل عن مبدأ الكذب(فهو لا يعتبر أن ما يفعله كذبا) أي أن التعريض مخرج للحرج لكي لا يقول أنه تنازل عن مبادئه.
بدأ يقول أنه ذاهب للمكتبة, فيدخلها دقيقة ثم يذهب لملاقاة الفتيات ومعظم الوقت الفتاة 1, عند سؤاله أين كنت, يقول بالمكتبة, دخلها لدقيقة, علما أن النية هي فقط للتضليل أو التعريض حسب ما فهمت من الحديث, تطورت الأمور بينه وبين الفتاة إلى أن دخلا بجدال ومشكلة انتهت بتغييرها للجامعة!!
كان يستعمل هذه الحجة لملاقاة الفتاة 1.
ثم أصبح يقول إنه ذاهب للدراسة مع فتاة أخرى2 , يدرس قليلا ثم يختفي ساعات لرؤية أشخاص آخرين, وعند السؤال, يقول إنه كان يدرس مع 2, وتقول هي لم أره إلا قليلا, أي درس فعلا ولو قليلا ولكن مرة أخرى للتضليل, وأصبح هذا الأمر عادة دوريه لديه, علما أنه بمعظم المرات التي يستعملها, يذهب للقاء الفتيات.
يقول أيضا إن شخصا ما يريده3 , ويتبين أن عدة أشخاص يطلبونه ومن ضمنهم 3 , وجميعهن من الفتيات.
يريد أخذ سيارة والده لغرض ما, يأخذها ويشتري لأخيه الصغير شيئا, وعند السؤال لماذا أو أين ذهبت بالسيارة, يقول لأشتري لأخي الصغير(الوالد يحب الابن الصغير فيستغل صديقي هذا السبب) ولكن النية ليس هذا السبب لأخذ السيارة.
يطلب رقم فتاة من فلان لغرض ما, علما أن الرقم لديه قبل ذلك بأشهر, فعندما يسأله أحدهم مثلا"ولكنك تعرف هذه الفتاة منذ وقت طويل" فيجيب ,"ولكني فعلا أخذت الرقم من فلان في هذا التاريخ" هو فعلا أخذه بذلك التاريخ ولكنه معه منذ وقت ليخفي معرفته بتلك الفتاة.
يقول أنه ذاهب للجامعة لرؤية السكرتيرة لكي يفحص عدة أمور جامعية علما أنه يستطيع فعل ذلك عبر الإنترنت, يذهب فعلا إلى السكرتيرة, ثم يذهب مرة أخرى للجلوس مع فتاة 4.
هو يريد أصلا رؤية الفتاة 4, فتراه تارة يقول إنه ذاهب للجامعة لكي يقابل السكرتيرة, ويقابلها فعلا, وتارة يقول إنه ذاهب لفعل هذا وفعل هذا, وفعلا يفعل كل من هذا وهذا, أحيانا يقول إنه ذاهب لإخبار شخص ما بخبر معين, بذهب للجامعة ويخبره بهذا الخبر ثم يذهب لرؤيتها , أي أن الغرض أصلا هو رؤية الفتاة4 وليس كل ما يفعل, بل كل ما يعمله هو لإخفاء حقيقة رؤيته الفتاة 4, كما حصل مع الفتيات السابقات.
شخص سولت له نفسه تبرير كل هذا خصوصا لإخفاء علاقاته وقع بالكذب المباشر لإخفاء العلاقات أيضا.
وتستمر مسيرته بهذا النهج, فأصبح يحترف التعريض أو الكذب واحترفت أنا كشفه , وهذا جزء صغير مما يفعله تقريبا يوميا وليس كل ما يفعله, وعادة هذه الأمور لها علاقة مباشرة بالفتيات, هذا الشخص مقتنع أن ما يعمله ليس كذبا ومنطلق بعمله بصدر رحب, ألا يفترض أن يكون التعريض مشروعا في الأمور المشروعة ؟ ما الحكم في هذه الحالات بالذات؟لأن الأمر مزعج جدا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما كون المعاريض فيها مندوحة عن الكذب فهذا ثابت بنصوص سبق بيانها بالفتوى رقم 71299. واستخدام هذه المعاريض ليس على إطلاقه، وإنما له ضوابط ذكرها أهل العلم، ومن ذلك أن لا يكون فيها ضرر على الغير، وأن يكون استخدامها للحاجة وللتوصل بها لغرض صحيح ونحو ذلك،. وانظر كلام أهل العلم في هذه المسألة بالفتوى رقم 7758.

فإن صح ما ذكرت عن صاحبك هذا من اتخاذ هذا الأمر عادة ونهجا فهذا طريق من طرق الضلال، فهو يستخدمها للاحتيال على الغير أو لتبرير بعض الأمور المحرمة من مثل ما ذكر من مجالسة الفتيات ونحو ذلك، فالواجب نصحه بأن يتقي الله ويتوب إليه توبة نصوحا، وينبغي التلطف به في ذلك، فإن انتهى فالحمد لله، وإلا فيمكن هجره إن رجي أن يردعه الهجر، فالهجر يرجع فيه إلى المصلحة كما سبق وأن بينا بالفتوى رقم 29790.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني