الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المخالطة خير من الاعتزال

السؤال

شيخي الفاضل: تعقيبا على جوابكم على سؤالي رقم: 2330484، مشكورين على ذلك وعلى نصيحتكم، بخصوص ذلك أود إعلامكم أنني فكرت في ذلك ولكن المسألة والتي أعلمها هي شرعية أكثر منها نفسية، فمثلا لو قال لي الاستشاري النفسي دعك من الوسوسة ولا تراجع الطبيبة كون الحديث عنها حقيقة لا أستجيب له لأن الأمر الذي أنظر إليه هو من ناحية شرعية وليس مجرد حالة نفسية، فحديث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم حول أخذ الناس حسنات بعضهم البعض تسوية للحقوق يوم القيامة ليس بحاجة إلى طبيب نفسي وإنما إلى رأي شرعي حول الحد الفاصل بين السكوت عن المسألة وعن تداعي السؤال بها، وإذا رجعتم ـ بارك الله فيكم ـ إلى سؤالي لوجدتم آخره الرجاء بيان كتب في الفقه الإسلامي لمعالجة نظرة الإسلام إلى حقوق العباد تجاه بعضهم البعض، فهذا ما أنا بحاجة إليه وليس طبيبا نفسيا، فأنا بحاجة إلى قواعد شرعية توضح كيفية التعامل، فمثلا: إذا عدت إلى سؤالي: هل توجد قاعدة شرعية تقول إن العقد المبرم للصلح بين العباد إذا تصالحوا على مبلغ يمنع أي شيء ويعتبر قطعيا بغض النظر عن أي أمور حصلت قبل الصلح أو تنشأ بعد الصلح، فهذا ما أنا بحاجة إليه، فأرجو منكم والحال يدل على أن فضيلتكم قرأتم السؤال أن تعيدوا النظر فيه من ناحية شرعية وليس نفسية، وعودة على ما بدأت به فإني لما فكرت في استشارة نفساني كنت سأرجع إليكم لبيان الرأي الشرعي في قوله لأن ما أعاني منه هو أمر شرعي وليس نفسيا، وبارك الله فيكم وأرجو المعذرة فعسى أن يجعل الله شفائي على أيديكم وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد بينا لك في الفتوى رقم: 155187، أن التحلل من مظلمتك لصاحبك وما كان منك من سبه وشتمه يكفي فيها ما فعلت من طلب المسامحة منه والاعتذار إليه، وقد قبل ذلك منك وسامحك فبرئت ذمتك من تلك المظلمة. وبينا لك أنه لا يجوز لك إخباره أو إخبار غيره بما كنت تأتيه من الذنوب فيما بينك وبين الله ولو كانت تلك الذنوب هي السبب في خطئك وتقصيرك للأمر الشرعي بستر الإنسان على نفسه ما ستره الله عليه من الذنوب، ومن رحمة الله تعالى بعباده المؤمنين أن جعل باب التوبة مفتوحاً لهم، فمهما أذنب العبد، ومهما ارتكب من الذنوب والمعاصي، ثم رجع إلى ربه فإنه يقبله، كما جعل سبحانه وتعالى فعل الطاعات مكفرات للذنوب والسيئات، فإتيان الفرائض مكفرات، وإتيان النوافل مكفرات، والتسبيحة مكفرة، والتهليلة مكفرة، فلله الحمد الذي يقبل القليل ويعفو عن الجليل، وقد بينا شروط التوبة من المعاصي ومظالم العباد في الفتوى رقم: 4603.

ومسألة ترك مخالطة الناس خوفا من ظلمهم لا ينبغي، فالذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير ممن يعتزلهم، فلا تدع الوسوسة تصدك عن الخير، فمن أسباب تسلط الشيطان على المرء كثرة خلوته فيلقي عليه الهواجس والوساوس فيتجاوب معها فيزداد منه تمكنا، ولكن اصحب الصالحين والأخيار واصبر نفسك معهم ليدلوك على الخير ويبعدوك عن الشر، كما قال الله تعالى لنبيه: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا {الكهف:28}.

ولو أخطأت في حق أحد بأخذ ماله فتحلل منه برد ماله إليه وطلب المسامحة منه، وإن وقعت في غيبة أحد فاطلب منه المسامحة فيما وقعت فيه من عرضه إن أمنت حدوث ضرر، وإلا فيكفيك أن تستغفر له، كما بينا في الفتوى المحال إليها آنفا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني