الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ماذا تفعل المرأة مع من يتهمونها بالزنا

السؤال

بنت خالتي تقدم دروسا ومحاضرات، وهي ملتزمة جدا وترتدي النقاب، ومتزوجة ولها عدد من الأبناء. اتهمت من قبل أخواتها في الله ممن يحضرن معها الدروس (جميعهن منقبات) بأنها زانية وعلى علاقة مع رجل. وتم هذا الأمر بإرسال رسالة من مجهول في جوال شقيقتها نصها: أنتم يا أنصار السنة تعظون الناس وأختكم على علاقة مع رجل وصلت إلى حد الزنا. ثم تطور الأمر بأن أتى أهل زوجها بعد أن وصلهم هذا الأمر وواجهوها مباشرة أنت على علاقة مع فلان، وقد أخبرتنا فلانة. وعندما تمت المواجهة أنكرت ذلك.
ماذا تفعل وهي بريئة مما قذفت به؟؟ وهل تترك الدروس أم تدعوا على من ظلمها؟؟وهل تخاصم هؤلاء الناس؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأصل في المسلم حمل أمره على السلامة، فلا يجوز اتهامه بما يشين من غير بينة، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ. {الحجرات:12} ويعظم الإثم وتشتد الحرمة إذا تعلق الأمر بالاتهام بالزنا، فهو قذف وسبب من أسباب اللعن، قال الله سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {النور:23} ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم 93577.

وإن قامت بعض النساء المستقيمات بإشاعة هذا الأمر فهذا من القبح بمكان، والمرجو منهن صون الأعراض، وقد عاب القرآن هذا المسلك وشنع على أصحابه في قوله تعالى: إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ .{النور:15}.

يقول ابن كثير: إذ تلقونه بألسنتكم... قال مجاهد وسعيد بن جبير: أي: يرويه بعضكم عن بعض، يقول هذا: سمعته من فلان، وقال فلان كذا وذكر بعضهم كذا. اهـ.

فالواجب على كل من قذف هذه المرأة أن يتوب إلى الله، وقد ذكر أهل العلم أن توبة القاذف أن يكذب نفسه، وسبق بيان ذلك بالفتوى رقم 167715.

ونوصي هذه الأخت بالصبر كما صبرت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فرفع سبحانه شأنها فبرأها من فوق سبع سماوات، فعاقبة الصبر خير كثير، وتراجع الفتوى رقم 18103. ولا ينبغي لها أن تترك الدعوة إلى الله، فالدعوة قربة لا تترك لأي سبب كان.

وللمظلوم الحق في الدعاء على من ظلمه، ولكن العفو أفضل وأحسن عاقبة كما بينا بالفتوى رقم: 27841. كما أن هجر العاصي جائز شرعا، ولكن ينبغي مراعاة المصلحة في ذلك، ويمكن مطالعة الفتوى رقم: 29790 ، ففيها مزيد تفصيل بهذا الخصوص.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني