الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الكذب على الوالدة لتفادي مزاجها الحاد

السؤال

أود السؤال عن حكم الحالة التالية: أحيانا أكذب على والدتي في بعض الأمور لعلمي بمزاجها الحاد لو علمت بفعلي لها، رغم أن هذه الأفعال غير محرمة وجائزة، ولكن صدقا لها مزاج حاد جدا ولا أحب إغضابها، ولأنني أيضا لا أطيق الكذب حتى لا أسجل عند الله كذابا أعترف ولكن بشكل تدريجي، فما الحكم في قضية الكذب ومن ثم الاعتراف؟ وهل أكون كاذبا؟ أريد نصيحة بخصوص والدتي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما والدتك فنوصيك بالرفق بها والإحسان إليها والتلطف لها ما أمكن، فإن رضا الله تعالى في رضاها، وليس يخفى ما في بر الوالدين من الترغيب كتابا وسنة، وإذا كان إخبارك لها بأمر ما يضايقها وتتأذى به فاستعمل المعاريض، فإن فيها مندوحة عن الكذب، فتكلم بكلام هو صدق في نفس الأمر لكنها تفهم منه خلاف الواقع، قال الموفق ـ رحمه الله ـ في المغني: وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد، بِإِسْنَادِهِ عَنْ سُوَيْد بْنِ حَنْظَلَةَ، قَالَ: خَرَجْنَا نُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَنَا وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ، فَأَخَذَهُ عَدُوٌّ لَهُ، فَتَحَرَّجَ الْقَوْمُ أَنْ يَحْلِفُوا، فَحَلَفْت أَنَّهُ أَخِي، فَخَلَّى سَبِيلَهُ، فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْت ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: أَنْتَ أَبَرُّهُمْ وَأَصْدَقُهُمْ، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ. وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنَّ فِي الْمَعَارِيضِ لَمَنْدُوحَةً عَنْ الْكَذِبِ ـ يَعْنِي سَعَةَ الْمَعَارِيضِ الَّتِي يُوهِمُ بِهَا السَّامِعَ غَيْرَ مَا عَنَاهُ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: الْكَلَامُ أَوْسَعُ مِنْ أَنْ يَكْذِبَ ظَرِيفٌ، يَعْنِي لَا يَحْتَاجُ أَنْ يَكْذِبَ، لِكَثْرَةِ الْمَعَارِيضِ، وَخَصَّ الظَّرِيفَ بِذَلِكَ، يَعْنِي بِهِ الْكَيِّسَ الْفَطِنَ، فَإِنَّهُ يَفْطِنُ لِلتَّأْوِيلِ، فَلَا حَاجَةَ بِهِ إلَى الكذب. انتهى.

وإذا كان إخبارك لها بالصدق تترتب عليه مفسدة راجحة فلا تكون آثما ـ إن شاء الله ـ لو تعمدت الكذب عليها، ويرجى ألا تكون ممن يكتب عند الله كذابا والحال هذه؛ وإن كان الأولى استعمال المعاريض كما مر، وانظر الفتوى رقم: 139250.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني