الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يشرع الاستهزاء بشخص من يسب الصحابة الكرام رضوان الله عليهم

السؤال

أحد الإعلامين يسب الصحابة، وبعض الناس يسبونه ويستهزؤون من طريقة سبه ويطلقون عليه بعض الأسماء القبيحة، فهل ذلك جائز؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فسب الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ جريمة نكراء وفعلة شنعاء، والواجب الحذر كل الحذر من هذا المنكر العظيم والتحذير البليغ ممن يتعاطاه ومناصحته حتى يتوب إلى الله تعالى مما هو مقيم عليه، ولتنظر الفتوى رقم: 140796.

وأما السخرية والاستهزاء به فليس مما يجمل بالمسلم الحريص على دينه، وبواطن الأمور مردها إلى الله تعالى والخواتيم مغيبة، ومن ثم فالواجب احتقار الحال التي عليها هذا الشخص والمعصية التي يرتكبها والتحذير منها لا السخرية بشخصه والاستهزاء به، وقد قال القرطبي ـ رحمه الله ـ في تفسير قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم الآية: وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ ـ وَهَذَا حَدِيثٌ عَظِيمٌ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَلَّا يُقْطَعَ بِعَيْبِ أَحَدٍ لِمَا يُرَى عَلَيْهِ مِنْ صُوَرِ أَعْمَالِ الطَّاعَةِ أَوِ الْمُخَالَفَةِ، فَلَعَلَّ مَنْ يُحَافِظُ عَلَى الْأَعْمَالِ الظَّاهِرَةِ يَعْلَمُ اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ وَصْفًا مَذْمُومًا لا تصح مَعَهُ تِلْكَ الْأَعْمَالُ، وَلَعَلَّ مَنْ رَأَيْنَا عَلَيْهِ تَفْرِيطًا أَوْ مَعْصِيَةً يَعْلَمُ اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ وَصْفًا مَحْمُودًا يَغْفِرُ لَهُ بِسَبَبِهِ، فَالْأَعْمَالُ أَمَارَاتٌ ظَنِّيَّةٌ لَا أَدِلَّةً قَطْعِيَّةً، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا عَدَمُ الْغُلُوِّ فِي تَعْظِيمِ مَنْ رَأَيْنَا عَلَيْهِ أَفْعَالًا صَالِحَةً وَعَدَمُ الِاحْتِقَارِ لِمُسْلِمٍ رَأَيْنَا عَلَيْهِ أَفْعَالًا سَيِّئَةً، بَلْ تُحْتَقَرُ وَتُذَمُّ تِلْكَ الْحَالَةُ السَّيِّئَةُ، لَا تِلْكَ الذَّاتُ الْمُسِيئَةُ، فَتَدَبَّرْ هَذَا فَإِنَّهُ نَظَرٌ دَقِيقٌ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ. انتهى كلامه.

وبه يتبين ضرورة مناصحة من يسخرون من هذا الشخص ويلقبونه بالألقاب القبيحة وأن يبين لهم أن هذا ليس بالمسلك السديد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني