الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الترهيب من مشاركة اغتياب الكافر للمسلم والسخرية منه

السؤال

ما حكم غيبة المسلم أو السخرية منه في أمر ما مع شخص كافر أو مرتد، أو الضحك عندما يسبه هذا الكافر أو المرتد، مع عدم قصد الموالاة أو إعانته على المسلم؟
ما حكم هذا في ضوء الولاء و البراء؟ ومتى يعتبر هذا نصرة للكافر على المسلم؟ ومتى يعتبر كفرا بالله عز وجل حيث إنه قد صدر مني هذا من قبل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن من المعلوم عند المسلم حرمة الغيبة والسخرية؛ فقد قال الله تعالى: وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا. {الحجرات:12}، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {الحجرات:11}. وكذلك لا يجوز سماعها من كافر ولا من غيره.

قال النووي في رياض الصالحين: "باب تحريم سماع الغيبة، وأمر من سمع غيبة محرمة بردها والإنكار على قائلها، فإن عجز أو لم يقبل منه فارق ذلك المجلس إن أمكنه".

والذي يستمع إلى الغيبة ويضحك منها يعتبر مشاركا لمرتكبها في الإثم -والعياذ بالله- لإقراره وتشجيعه على المنكر.

وفي خصوص عقيدة الولاء والبراء فقد أكدت نصوص الوحي عليها. قال الله تعالى: لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ {المجادلة:22}.

والواجب على المسلم أن يحب ما يحبه الله ورسوله، ويبرأ مما يبرأ منه الله ورسوله؛ فمحبة الكافر ومودته ومصادقته لا تجوز. وانظر الفتوى رقم: 32852.
ومن اتخذ الكفار أولياء وأصدقاء من دون المؤمنين يواليهم وينصرهم على المسلمين فإن هذا يعتبر كفرا؛ قال الله تعالى: لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ {آل عمران:28}. وانظر الفتوى رقم:14945.
وأما مجرد الضحك من كلام الكافر أو الاستماع إلى ما يقول من الغيبة أو السخرية من المسلم أو غيره- وإن كان حراما كما ذكرنا- فإنه لا يعتبر كفرا في حد ذاته. وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 183507.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني