الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الكذب لمنع الإسراف في الشراء أو لمنع شراء ملابس غير محتشمة

السؤال

ما حكم التالي: تُريني أختي حجابا ملونا لتأخذ رأيي. أجيبها بأنه قبيح وليس جميلا، مع أني أكذب، لأني أنا لا ألبس تلك الأحجبة، ولا أريد أن آخذ ذنبا بأنه أعجبني إذا اشترته. مع أنه جميل، لكن لا ينطبق على مقاييس الحجاب الشرعي. وهذا المثال وغيره سواء في الملابس القصيرة أو الضيقة. وينطبق على كل شيء غال، ولا داعي للإسراف والتبذير. مثلا حقيبة وصولاً إلى سيارة فارهة مثلا.
لا أريد أن يكون لهم عليّ ذنب فأخاف أن يعاقبني ربي يوم القيامة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالكذب لا يجوز في الأصل، وفي المعاريض مندوحة عنه؛ فقد صح عن عمر وعمران بن حصين أنهما قالا: في المعاريض مندوحة عن الكذب.

ومع هذا فقد رخص أهل العلم في الكذب إذا كان لجلب مصلحة معتبرة شرعا، أو دفع مضرة لم يمكن تحققها بغير ذلك، لكن دون إلحاق مضرة بالغير، مستدلين بالحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أم كلثوم بنت عقبة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم- يقول: ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس ويقول خيرا وينمي خيرا. زاد مسلم قالت: ولم أسمعه -تعني النبي صلى الله عليه وسلم يرخص في شيء مما يقول الناس كذبا إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها.

ورأى بعض العلماء الاقتصار في جواز الكذب على ما ورد به النص في الحديث، ولكن جوزه المحققون في كل ما فيه مصلحة دون مضرة للغير.

قال الإمام النووي: اعلم أن الكذب وإن كان أصله محرما فيجوز في بعض الأحوال، بشروط قد أوضحتها في كتاب الأذكار، ومختصر ذلك أن الكلام وسيلة إلى المقاصد، فكل مقصود محمود يمكن تحصيله بغير الكذب يحرم الكذب فيه، وإن لم يمكن تحصيله إلا بالكذب جاز الكذب، ثم إن كان تحصيل ذلك المقصود مباحا كان الكذب مباحا، وإن كان واجبا كان الكذب واجبا. اهـ. وانظر فتوانا رقم: 188057.

وعليه؛ فإذا كانت الأمور التي طلب منك إبداء الرأي فيها تتضمن مخالفات للشرع إما من حيث الملابس المخالفة للحشمة، أو الإسراف في الأشياء التي تشترى ولا مصلحة في شرائها، فلا حرج عليك في الجواب عنها بأنها غير جميلة، وأنت هنا على حق لأن المنهي عنه غير جميل في الحقيقة، بل قد يتعين عليك الإخبار بذلك إذا كنت لو أخبرتهم بجمال هذه الأشياء يقدمون على شرائها، لأنك حينئذ تكونين عونا لهم على الحرام، وغير ناصحة لهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني