الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقصير الوالدين لا يسقط برهما والإحسان إليهما

السؤال

منذ أكثر من 8 أعوام كان لدينا منزل وكانت عندنا مشاكل مع الجيران، ففكرنا ـ أنا وزوجي ـ في بيعه ولكن زوجي خشي أن نبيعه ولا نستطيع تعمير غيره، فعرضنا الموضوع على أبي فقال توكلوا على الله وأنا سأساعدكم، فبعنا البيت وبالمبلغ اشترينا قطعة أرض وبقي معنا مبلغ لا يكفي للبناء فاتفقنا مع والدي أن يشغل النقود المتبقية ثم بالأرباح ويزيد أبي عليها كدين ونبني بيتا، وبعد 6 شهور قال والدي خذوا فلوسكم لأنني أمر بضائقة مالية وشغلوها في مكان آخر، فثار زوجي لأنه كان هناك وعد من أبي أن يساعدنا في بناء بيت، وأبي يقول إنه انكسر في شغله وزوجي لا يصدق فتقاطعنا فترة وبعد ذلك تصالحنا وأخذ أبي النقود وأعطانا أرباحا أكثر من مرة وربنا فتحها عليه ولم يعرض علينا أي مساعدة، ونحن لم نطلب لأن مواد البناء أصبحت غالية والمبلغ الذي كان قد وعدنا به مع الذي معنا لا يكفي، ومرت السنوات ونحن في الإيجار وآخر شيء صارحت أبي بما في داخلي وأننا أصبحنا في هذا الوضع بسبب وعدك، وقال عدنما ما تبنون فلن أقصر معكم وزوجي لا يريد دينا ويقول إن المبلغ أصبح حقا لنا بعد كل الفلوس التي وضعناها في الإيجار وفرق سعر مواد البناء، وإذا لم يستجب فلن أزورهم إلا مرة كل 3 أو 4 شهور لمدة ساعة، ولن أكلمهم حتى في الهاتف ومنع أولادي من زيارتهم نهائيا، فهل هذا حق له مع العلم أن والدي صحيح بخير لكن شغله حاليا متوقف وأفكر في الطلاق؟ أفيدوني.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد اختلف العلماء في حكم الوفاء بالوعد، وقد بينا أقوالهم في ذلك والراجح منها بالفتوى رقم: 17057.

ولا شك في أن من مكارم الأخلاق أن يفي لكم والدك بهذا الوعد فيساعدكم حسب استطاعته، فإن لم يفعل فإن ذلك لا يسقط عنك بره والإحسان إليه، فمن حق الوالد أن يبره ولده وإن أساء، كما بينا بالفتوى رقم: 3459.

ولا يجوز لزوجك منعك من مكالمة أهلك ففي ذلك تشجيع على عقوق الوالدين وقطيعة الرحم، ولا تجب طاعته في مثل هذا، ولا ينبغي له منعك من زيارة أهلك إلا في فترات متباعدة، ولو أنه فعل فالواجب عليك طاعته، وانظري الفتويين رقم: 69044 ورقم: 110919.

وننبه إلى تحري الحكمة والحرص على أن لا يتطور أمر هذه المشكلة فيترتب عليها أمور لا تحمد عقباها، ولعل زوجك إذا اتقى الله وصبر أن يبدله الله خيرا مما فقد، قال تعالى: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {يوسف:90}.

وأما طلب الطلاق: فالأصل فيه الحرمة ما لم يكن ثمة سبب مشروع، وقد أوضحنا مسوغات طلب الطلاق بالفتوى رقم: 37112.

وعلى فرض وجود شيء من المسوغات فقد لا تكون المصلحة في الطلاق دائما وخاصة إن رزق الزوجان الأولاد، فقد تتشتت الأسرة بعد الطلاق، ويكون الأولاد أول الضحايا فليتنبه لهذا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني