الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اتهام الناس والتفتيش عن خباياهم وتتبع عوراتهم يزيل المودة

السؤال

سيدي المفتي، إن مشكلتي تتعلق بسرقة قامت بها ‏أمي، ولست أدري كيف أصلح الأمر.‏
‏ في الصيف الماضي أتت لزيارتنا ‏ابنة خالتي، هي تقيم في بلد آخر، و‏هي في نفس الوقت نسيبة أختي (لأن ‏أختي متزوجة من أخيها).‏
عندما عادت إلى بلادها، اتصلت بي ‏لتقول لي بأن أحدا ما قد فتش في ‏أغراضها وسرق منها مبلغ 500 ‏أورو، وأنها تشك في أقرباء ‏صديقتها.‏
عندما أخبرت والداي بالأمر، قال أبي ‏إنه قد رأى أمي قبل يومين تفتش في ‏أغراضها، وأنا في الحقيقة أيضا ‏شككت فيها؛ لأنها كانت طوال الوقت ‏تقول إنها باعتها أغراضا بقيمة 50 ‏يورو ولم تدفع لها، لكن ابنة خالتي ‏تقول إنها دفعت لها كل المبلغ.‏
عندما واجهت أمي بالأمر أقسمت ‏أنها لم تر ولم تأخذ شيئا، ولكي أضع ‏حدا لشكي، ذهبت خلسة وفتشت في ‏أغراضه،ا ولكن للأسف بمجرد ما ‏فتشت وجدت ورقة 500 يورو.‏
طبعا صدمت ولم أتوقع منها هذا ‏التصرف. عندما واجهتها، قالت إنها ‏كانت تظنها 50 يورو، وأنها أخذتها ‏مقابل الأغراض التي باعتها. ‏واستحلفتني أن لا أخبر أحدا بالأمر؛ ‏لأنها ليست راضية عن ما قامت به. ‏وأنا نفسي لن أرض أن أقول الحقيقة ‏لابنة خالتي أو لأي شخص آخر، لن ‏أستطيع أن أقول إن خالتها سارقة؛ لأن ‏ابنة خالتي ليست بإنسانة متفهمة، ولها ‏طبع شرس بعض الشيء، وبذلك فهي ‏لن تكتم الأمر على أحد أبدا. حتى ‏إنني لم أجد كذبة بيضاء أغطي بها ‏الأمر.‏
ورقة 500 يورو هي الآن بحوزتي ‏ولست أدري ماذا أفعل بها، فأتمنى ‏أن أجد عندكم الحل بإذن الله .‏
ما هو حكم أمي في هذه الحالة ؟ وماذا أفعل بالورقة النقدية التي ‏بحوزتي؟ هل ممكن أن أتصدق بها ؟
وشكرا جزيلا.‏

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقبل أن نخلص إلى الحكم في أمر أمك نقول لك أنت: ما كنت مطالبة بما أقدمت عليه من اتهامك لأمك، وتفتيشك لأغراضها من أجل العثور على هذا المبلغ، فلو تعامل الناس بمثل هذا لما بقيت للمودة بينهم باقية، ولتكشفت عيوب بعضهم لبعض، وحصل بسبب ذلك فساد عظيم .

أما هذا المبلغ، فالواجب في أمره رده إلى صاحبته، ولا يصلح أن يتصدق به عنها؛ لأن رده إليها ممكن، وعند رد هذا المبلغ إلى صاحبته فلتلتمسي حيلة ذكية كأن تقولي لها: عثرنا على هذا المبلغ في مكان ما، أو نحو ذلك من الحيلة الخفية التي تحقق القصد ولا تكشف السر؛ وراجعي الفتوى رقم: 198929 .

ويتعين أن تستري على أمك، فلا تطلعي على هذا الأمر أحدا أبدا لا أبا، ولا أخا، ولا أختا؛ وراجعي الفتوى رقم: 1039 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني