الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شهداء الله في الأرض هم الأولياء المتقون

السؤال

الجميع يقولون قلبك ليس أبيض ـ أي يحقد على الناس ـ ودائما يقولون عليك بدعاء الله أن يرزقك قلبا سليما، فهل معنى هذا أنني حقودة باعتبار أن الناس شهداء الله في أرضه؟ وما الفرق بين الورع والتقى؟ وما حكم تشقير الحواجب، علما أنني أشقر الحاجب من الأعلى والأسفل بالمشقر؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالواجب على العبد أن يطهر قلبه من الحقد والغل والحسد، سواء علم ذلك من نفسه، أو أعلمه غيره ممن حوله، ولكن ليس بالضرورة أن يكون حكم بعض الناس صحيحا، فضلا على أن يكونوا شهداء الله في أرضه، فقد قال شيخ الإسلام: ومُرَّ على النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بجنازةٍ فأَثنوا عليها خيرًا، فقال: وَجَبَتْ وَجَبَتْ، ومُرَّ عليه بجنازةٍ فأثنوا عليها شَرًّا، فقال: وَجبتْ وَجَبَتْ ـ قالوا: يا رسولَ الله! ما قولك وَجَبتْ؟ قال: هذه الجنازة أثنيتُم عليها خيرًا فقلتُ وَجَبَتْ لها الجَنَّةُ، وهذه الجنازة أثنيتُم عليها شَرًّا فقلتُ وَجَبَتْ لها النَّارُ، أنتُم شُهَدَاءُ الله في الأرض ـ فمن شَهِدَ له عُمُومُ المؤمنين بالخيرِ كان مِن أهل الخير، ومَن شُهِدَ له بالشَّرِّ كان من أهل الشَّرِّ. انتهى.

وقال ـ رحمه الله ـ أيضا: فأولياء الله المتقون هم شُهداءُ اللهِ في الأرض، بما جعله الله من النور في قلوبهم، فمن أَثنوا عليه خيرًا كان من أهلِ الخير، ومَن أثنَوا عليه شرًّا كان من أهلِ الشرِّ. انتهى.

فعُلم من كلام شيخ الإسلام أن صفة الشهود الذين يشهدون على العبد بالخير والشر لا بد أن يكونوا من أولياء الله المتقين. وللفائدة يرجى مراجعة هذه الفتوى في معرفة علامات القلب السليم: 119847.

وأما الفرق بين الورع والتقوى: فنذكر أولا تعريف كل منهما: فأما تعريف الورع: فقد قال ابن القيم رحمه الله: سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة، والورع ترك ما تخاف ضرره في الآخرة، وهذه العبارة من أحسن ما قيل في الزهد والورع وأجمعها. انتهى.

وأما تعريف التقوى: فقد قال شيخ الإسلام رحمه الله: التقوى كما فسرها الأولون والآخرون: فعل ما أمرت به، وترك ما نهيت عنه، كما قال طلق بن حبيب لما وقعت الفتنة: اتقوها بالتقوى، قالوا: وما التقوى؟ قال: أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عذاب الله. انتهى.

وأما الفرق بينهما: فقد جاء بيانه في كتاب نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: التّقوى تقارب الورع إلّا أنّ بينهما فروقا منها:

1ـ التّقوى أخذ عدّة، والورع دفع شبهة.

2ـ التّقوى متحقّق السّبب، والورع مظنون السّبب.

3ـ التّقوى احتراز عما يتّقيه الإنسان ويحصل به الحيلولة بينه وبين ما يكره، والورع تجاف بالنّفس عن الانبساط فيما لا يؤمن عاقبته. انتهى.

وأما عن التشقير: فإن تشقير الحاجبين جائز، لأنه لم يرد شيء يحرمه فيبقى على الأصل، إذ ليس هو من النمص المحرم وليس فيه تغيير لخلق الله تعالى، لأنه صبغ لا يثبت، لكن يحرم فعله للتدليس على الخاطب، وانظري الفتوى رقم: 15540.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني