الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وسائل التخلص من التعلق بزوجة الأخ

السؤال

أولًا: أنا تعبت نفسيًا؛ لأن الشيطان يخيل لي أن زوجة أخي ستكون ممتعة جدًّا في الجنس - معذرة للفظ - وأني سوف أستمتع معها أكثر مما أستمتع بزوجتي؛ حتى أن ذلك دفعني للتحرش بها, والمصيبة الطامة أنها أخت زوجتي, مع أنها ليست أجمل منها, فأفيدوني, فأنا من كثرة التفكير فكرت أن أغادر المكان, لكن أمي متعلقة بي كثيرًا, ولا تستطيع الانتقال بسبب المرض, وفكرت أن أسافر للعمل بالخارج, وعندي بنات في سن حرجة, ومن أجل أمي تعبت, وشيطاني أرهقني من التفكير, والمشكلة الثانية أني أحب الجنس كثيرًا؛ حتى أني أرهقت زوجتي معي, وهي لا تقصر, لكنها تتعب, وليست عندي استطاعة أن أتزوج ثانية.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيبدو أنك فتحت باب الشر على نفسك بالتساهل في البدايات، نعني الخواطر، فإن الشيطان يلقيها في القلب، فإن كان القلب حيًا رفضها، وإلا أشربها وتعاهدها الشيطان بالرعاية والعناية؛ حتى تصبح مرضًا يسكن في القلب؛ ولذا حذر الله تعالى من الشيطان وفتنته واتباع خطواته، قال تعالى: يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ {الأعراف:27}، وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {النور:21}.

ونحسب أن الحل يسير, لا يتطلب ما ذكرت من مغادرة المكان, أو السفر إلى الخارج، فهذا كله قد لا يجدي شيئًا، خاصة مع توفر وسائل الاتصال, فالمطلوب للعلاج ما يلي:

أولًا: صدق العزيمة في إرادة التوبة والرجوع إلى الله, فإن الله سبحانه يصدق من يصدقه، قال تعالى: فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ {محمد:21}، وفي سنن النسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن أحد أصحابه: صدق الله فصدقه.

ثانيًا: الدعاء، فهو السلاح القوي بالنسبة للمؤمن، فادع الله بقلب كسير، وتحرَّ بعض الأدعية التي تناسب هذا المقام, كالذي رواه مسلم عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.

وكلما روعيت في الدعاء شروطه وآدابه كان أرجى للإجابة، وانظر الفتويين: 119608 - 2150.

ثالثًا: استشعار الخوف من الله, وأن تخشى أن يسخط عليك فيعاقبك بسبب ذلك بسوء الخاتمة, فتكون قد خسرت دينك ودنياك، فالمعاصي عمومًا من أسباب سوء الخاتمة.

رابعًا: أن لا ترضى لغيرك ما لا ترضاه لنفسك، فكيف يكون شعورك إذا كان أخوك أو غيره يفعل مع زوجتك ما فعلته مع زوجته؟ فمن يرضى مثل ذلك في أهله فهو ديوث، ولا يدخل الجنة ديوث، وإن كنت ترفضه فلا ترضه لغيرك, روى أحمد عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: إن فتى شابًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله, ائذن لي بالزنا, فأقبل القوم عليه فزجروه, وقالوا: مه مه, فقال: ادنه, فدنا منه قريبًا, قال: فجلس, قال: أتحبه لأمك, قال: لا, والله جعلني الله فداءك, قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم, قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: لا, والله, يا رسول الله, جعلني الله فداءك, قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم, قال: أفتحبه لأختك؟ قال: لا, والله, جعلني الله فداءك, قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم, قال: أفتحبه لعمتك؟ قال: لا, والله, جعلني الله فداءك, قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم, قال: أفتحبه لخالتك؟ قال: لا, والله, جعلني الله فداءك, قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم؟ قال: فوضع يده عليه, وقال: اللهم اغفر ذنبه, وطهر قلبه, وحصن فرجه, فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء.

خامسًا: احرص على الاستقامة في حياتك كلها, والانضباط بضوابط الشرع, خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع النساء الأجنبيات من غض البصر عنهن، وعدم الخلوة بهن, ونحو ذلك.

وأما ما ذكرت من حدة الشهوة عندك وعدم استطاعتك الزواج بثانية فتوجيهنا لك أن تلجأ إلى الصوم, فإنه يخفف من حدتها، واحرص على اجتناب كل ما يثير شهوتك من النظر المحرم وغيره, مع شغل النفس بما ينفع, وإن تطلب الأمر مقابلة بعض المختصين لأخذ دواء يخفف الشهوة فلا بأس بذلك, ولمزيد الفائدة انظر الفتوى رقم: 103381.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني