الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الترهيب من الاتهام بالسوء كذبا وفضل الإعراض عنه والعفو

السؤال

كيف أرد علي من اتهمني بأن معي cd أشياء إباحية بدون دليل، علما أن أحد الأشخاص اتهمني أن لدي cd فيها مواد إباحية.
فكيف أرد عليه لو طلب مني أن أعفو عنه وأسامحه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أخطأ هذا الشخص في اتهامك بالسوء، وقد جاء الوعيد على هذا فيما أخرج أحمد عن ابن عمر أن سول الله صلى الله عليه وسلم قال: ومن قال في مؤمن ما ليس فيه، سقاه الله من ردغة الخبال حتى يخرج مما قال، وليس بخارج. وردغة الخبال عصارة أهل النار. والحديث صححه الألباني.
وقد عد أهل العلم الاتهام بالسوء كذبا من أعظم أنواع الغيبة والأذى، كما جاء في صحيح مسلم وغيره أنه – صلى الله عليه وسلم – قال : أتدرون ما الغيبة ؟ ذكرك أخاك بما يكره، إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته.

وقال الله عز وجل: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب: 58}.

قال ابن كثير: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِمَا اكْتَسَبُوا. أي: ينسبون إليهم ما هم بُرَآء منه لم يعملوه ولم يفعلوه، فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا. انتهى.

وجاء في عون المعبود: ( فقد بهته ) بفتح الهاء المخففة، وتشديد التاء على الخطاب أي قلت عليه البهتان، وهو كذب عظيم يبهت فيه من يقال في حقه. انتهى.

وأما أنت فننصحك بعدم الرد فهو أستر لك، وأبعد عن تكلم الناس فيك، إضافة إلى ما ثبت في الشرع من فضل الإعراض عن الجاهلين والعفو؛ فان الله سبحانه قد أمر بالعفو والصفح عن المسيء؛ فقال: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ {النور: 22}. وقال سبحانه: وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ. {الشورى:40}.

وإن كان لا بد من الرد، فيجوز لك أن تكذبه، وأن تشتكي منه لمن ينصفك منه، ولا يجوز لك أن ترد عليه بسب محرم كالسب بفعل الفاحشة، أو الكذب عليه بأنه عنده أشرطة تحتوي شيئا محرما.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: وكذلك له أن يسبه كما يسبه، مثل أن يلعنه كما يلعنه، أو يقول: قبحك الله، فيقول: قبحك الله، أو أخزاك الله، فيقول له: أخزاك الله، أو يقول: يا كلب يا خنزير، فيقول: يا كلب يا خنزير. فأما إذا كان محرم الجنس مثل تكفيره، أو الكذب عليه لم يكن له أن يكفره، ولا يكذب عليه. انتهى.

وراجع الفتوى رقم: 71999

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني