الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الجمع بين كون الوفاء بالوعد مستحب وأن من صفات المنافق خلف الوعد

السؤال

قرأت في فتاويكم أن إيفاء الوعد مستحب، لكن من صفات المنافق: إذا وعد أخلف. فكيف يكون مستحبا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنشكر السائلة الكريمة على قراءة فتاوينا، والتواصل معنا، وقد بينا في كثير من فتاوانا اختلاف أهل العلم في حكم الوفاء بالوعد، وأن إخلافه مكروه على كل حال، ولو لم يترتب على الموعود ضرر بسببه؛ انظري مثلا الفتويين: 12729، 17057 فقد بينا فيهما أن الراجح ما ذهب إليه المالكية من أنه إذا كان الموعود دخل بسبب الوعد في شيء يناله ضرر بالتراجع عنه، وجب الوفاء به، وإلا لم يجب الوفاء به، وكان مستحباً.
وأما كون عدم الوفاء من صفات المنافق؛ فإن إخلاف الوعد سجية في المنافق ومن صفاته الملازمة، بخلاف المؤمن، فإنه إنما يعرض له أو يلجأ إليها عندما لا يترتب على وعده ضرر على الموعود أو دخول في التزام.

وقد جاء التوفيق بين وجوب الوفاء بالوعد وعدمه في كتاب الفروق للقرافي، بعد ما ذكر الأدلة التي يقتضي بعضها الوفاء وبعضها عدم الوفاء، فقال معقبا: نَقُولُ وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ الَّتِي يَقْتَضِي بَعْضُهَا الْوَفَاءَ بِهِ، وَبَعْضُهَا عَدَمَ الْوَفَاءِ بِهِ: أَنَّهُ إنْ أَدْخَلَهُ فِي سَبَبٍ يَلْزَمُ بِوَعْدِهِ، لَزِمَ، كَمَا قَالَ مَالِكٌ، وَابْنُ الْقَاسِمِ، وَسَحْنُونٌ، أَوْ وَعَدَهُ مَقْرُونًا بِذِكْرِ السَّبَبِ، كَمَا قَالَهُ أَصْبَغُ.
وعلى كل حال، فإخلاف الوعد مكروه كراهة شديدة كما قال النووي في الأذكار: .... والجمهور إلى أنه مستحب، فلو تركه فاته الفضل، وارتكب المكروه كراهة شديدة، ولكن لا يأثم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني