الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وجوب نصرة المظلوم بحسب الاستطاعة

السؤال

شهدت ليلة أمس عملية سرقة مفجعة، فقد قام شاب بضرب رجل بالسيف لمدة عشر دقائق تقريبا في جميع أنحاء جسمه (الرأس، الوجه، اليد، الرجل ...) مرغما الضحية على إعطائه الهاتف، مع الشتم، والقذف بكلمات نابية، فقد وصل الحد إلى شتم الله عز وجل والعياذ بالله. قاوم الرجل وصرخ لكن بدون جدوى، فلم يساعده أحد، إلى أن ترك السارق الضحية دون أخذ شيء منه عدا كرامته، مادام الرجل في سن أبيه تقريبا، لم يستدع أحد الشرطة؛ لأنها ستتأخر، هذا إن أتت، فإن لم تجد أحدا فسوف تحمل المسؤولية للمتصل، ثم ذهب المعتدي حرا طليقا ليبحث عن ضحية أخرى، مع العلم أنه لم يهرب بل أخذ طريقه مفتخرا بنفسه ولا يشعر بالخوف.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن هذا الكلام لم يذكر فيه سؤال، ولكنه إن ثبت حصول هذه الحادثة، فلا شك أن ما ذكر فيها من الاعتداء على المظلوم، ومن سب الله تعالى، أمر منكر، بل إن السب كفر مخرج من الملة.

وقد كان الواجب على من رأى الحادثة أن ينكر على الظالم، ويحجزه عن الظلم بحسب استطاعته، وينصر المظلوم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالما أو مظلوما. فقال رجل: يا رسول الله! أنصره إذا كان مظلوما، أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره؟ قال: تمنعه من الظلم؛ فإن ذلك نصره. رواه البخاري.

وعن البراء بن عازب- رضي الله عنه- قال: أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع: أمرنا باتباع الجنائز، وعيادة المريض، وإجابة الداعي، ونصر المظلوم ... . رواه البخاري ومسلم.

وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.

وروى الإمام أحمد وأبو داود عن جابر بن عبد الله، وأبي طلحة بن سهل الأنصاري أنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من امرئ يخذل امرأً مسلما في موضع تنتهك فيه حرمته، وينتقص فيه من عرضه، إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرئ ينصر مسلما في موضع ينتقص فيه من عرضه، وينتهك من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب نصرته.

قال صاحب عون المعبود: والمعنى ليس أحد يترك نصرة مسلم مع وجود القدرة عليه بالقول، أو الفعل عند حضور غيبته، أو إهانته، أو ضربه، أو قتله إلا خذله الله. انتهى.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: نصر آحاد المسلمين واجب بقوله صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً ـ وبقوله: المسلم أخو المسلم لا يسلمه، ولا يظلمه. انتهى.

وقال الشوكاني في النيل: يجب نصر المظلوم، ودفع من أراد إذلاله بوجه من الوجوه، وهذا مما لا أعلم فيه خلافاً، وهو مندرج تحت أدلة النهي عن المنكر. انتهى.

وهذه النصرة يشترط لوجوبها ما يشترط لوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من القدرة، وأمن الضرر المعتبر.

قال النووي: أَمَّا نَصْر الْمَظْلُوم فَمِنْ فُرُوض الْكِفَايَة, وَهُوَ مِنْ جُمْلَة الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر, وَإِنَّمَا يَتَوَجَّه الْأَمْر بِهِ عَلَى مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَخَفْ ضَرَرًا. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني