الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دلالة آية (..وفصاله في عامين..) وآية (..وحمله وفصاله ثلاثون شهرا..)

السؤال

أرسلت هذه الرسالة لقسم الاستشارات، وأسئلة أخرى، ولم تصلني رسالة برقم الاستشارة. فما السبب هل قسم الاستشارات معطل..!!
قال الله تعالى:{والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف واتقوا الله واعلموا أن الله بما تعملون بصير} [البقرة: 233].
قال الله تعالى: {وفصاله في عامين} [لقمان:14]
قال الله تعالى: {وحمله وفصاله ثلاثون شهرا} [الأحقاف:15].
السؤال الأول: هل الآيات كلها تخص من حملت، ووضعت لستة أشهر، واكتفاء الرضاعة، وإتمامها يكون في 30 شهرا، ويقاس عليها جميع فترات الحمل، أي من وضعت لتسعة أشهر كفاية الرضيع يكون في 21 شهرا ؟ (أي تُحسب رضاعة المولود من الحمل إن وضعت مولودها في الشهر التاسع، ويكون الشهر الذي يليه هو الشهر العاشر وهكذا إلى أن يصل العد إلى 30 شهرا، فإن قمنا بالعد من الشهر العاشر إلى 30 شهرا تكون النتيجة 21 شهرا للرضاعة أي الحساب يكون 9 فترة الحمل-30شهرا=21 شهرا)
الحولان الكاملان يقاسان من فترة الولادة وليس من عمر الطفل عند الولادة. هل هذا صحيح أم إن الآية في سورة البقرة تدل على عمر المولود من بعد الولادة وليس من فترة الحمل، أي من ولادته في الشهر التاسع يعتبر يومه الأول، إلى أن يصل عمره شهرا، والذي يليه الشهر الثاني إلى أن يبلغ سنتين من عمره فيكون الحولان كاملين (أم إن هذه الطريقة تعتبر زيادة عن تمام الرضاعة)؟
هل فهمي الأول صحيح أم الثاني؟
أتمنى التوضيح، والتصحيح لي.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن آية البقرة تفيد أن الأصل هو أن ترضع المرأة ولدها حولين كاملين في الأحوال العادية، سواء طال حمله أو قصر، فقد أكد الله المدة بقوله: حولين كاملين، ولا يجب على المرأة عند عدم الضرورة أن تتم الحولين، بل يجوز لها أن تفطمه قبل ذلك إذا لم يتضرر بالفطام، وبيان ذلك أن الله تعالى يقول: وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ {البقرة:233}.

قال القرطبي- رحمه الله- عند تفسيره لهذه الآية: انتزع مالك رحمه الله تعالى، ومن تابعه، وجماعة من العلماء من هذه الآية أن الرضاعة المحرمة الجارية مجرى النسب، إنما هي ما كان في الحولين؛ لأنه بانقضاء الحولين تمت الرضاعة، ولا رضاعة بعد الحولين معتبرة. هذا قوله في موطئه، وهي رواية محمد بن عبد الحكم عنه، وهو قول عمر، وابن عباس، وروي عن ابن مسعود، وبه قال الزهري، وقتادة، والشعبي، وسفيان الثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو يوسف، ومحمد، وأبو ثور. انتهى.

وقال الشوكاني في فتح القدير عند تفسير قوله تعالى: والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة:أي ذلك لمن أراد أن يتم الرضاعة، وفيه دليل على أن إرضاع الحولين ليس حتماً، بل هو التمام، ويجوز الاقتصار على ما دونه. انتهى.

وأما آية الأحقاف، فقد ذكرت أقل مدة الحمل ولم تذكر غالبه؛ لأن غالبه أمر معروف لا يحتاج إلى ذكر، وفي ذكر أقل مدة الحمل فائدة عظيمة بحيث يعلم أن من كانت زوجة وأتت بولد بعد ستة أشهر من زواجها؛ فإنه للزوج صاحب الفراش كما روي عن علي -رضي الله عنه- واحتج بهذه الآية مع آية البقرة. وانظر الفتوى رقم: 13014، والفتوى رقم: 23882.


والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني