الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّه

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله في أحد الأيام كنت ماراً بطريق ترابي وإذ بسيارة تقفل الطريق أمامي فطلبت من صاحبها وهو رجل كبير السن الابتعاد قليلاً حتى أمر وكنت في عجلة من أمري لتوصيل زوجتي إلى المدرسة وكان الجو حاراً ولكن صاحب السيارة لم يبتعد بحجة أن السيارة معطلة ولا يستطيع تحريكها مع العلم بأنها كانت في مرتفع ويمكن له دفعها للوراء قليلا، المهم أنني حاولت المرور من جانبها صاعداً على جانبي الطريق وعند مروري قلت لله ( الله لا يربحك يا حاج) فقال بارك الله فيك، وبعد ذهابي ندمت أشد الندم على ما تلفظت به تجاه ذلك الرجل وعند عودتي التقيته يسير على قدميه فوقفت له وطلبت منه أن يسامحني ولكنه رفض وبشدة. فما حكم الشرع في ذلك وكيف أكفر عن خطئي هذا أفيدوني أفادكم الله. والسلام عليكم

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فما كان يجوز لك أن تتلفظ بمثل هذا الدعاء على مسلم بدون وجه حق، فالرجل معذور بعطل سيارته، ويزداد الحرج عليك بسبب أنه مسن، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا. رواه الترمذي عن أنس.
وحيث إنه حصل ما حصل فإن ندمك على هذا الذنب توبة لك فيما بينك وبين الله، أما حق الرجل فلا يسقط إلا بإسقاطه هو له، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرض أو شيء فليتحلله من قبل أن يؤخذ منه حين لا يكون دينار ولا درهم، فإن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإلا أخذ من سيئات صاحبه فحملت عليه. رواه البخاري.
فعليك أن تبذل الجهد لاسترضائه وطلب السماح منه، فإن أبى بعد ذلك فاستغفر له، وأكثر من فعل الحسنات لتسدد منها لأمثال هذا يوم القيامة ما لهم عليك من حقوق.
وقد أحسن الرجل في رده على إساءتك لكنه لم يوفق للأفضل عندما طلبت منه المسامحة لأن الله يقول:فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [الشورى: 40].
وأنت أسأت في إساءتك إليه وأحسنت في رجوعك إلى الحق واسترضائك له، والله جل وعلا غافر الذنب وقابل التوب، وهو يحب المحسنين.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني