الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سب من مات على الكفر وذكر مساوئه

السؤال

ما حكم سب الميت الكافر؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأصل أنه يجوز سب الميت الكافر إلا إذا ترتب على هذا السب أذية لبعض الأحياء، فيتعين تركه، جاء في عمدة القاري للعيني معلقا على حديث: لَا تسبوا الْأَمْوَات، فَإِنَّهُم قد فأفضوا إِلَى مَا قدمُوا: قَوْله: الْأَمْوَات ـ الْألف وَاللَّام للْعهد أَي أموات الْمُسلمين، وَيُؤَيِّدهُ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث ابْن عمر أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َقَالَ: اذْكروا محَاسِن مَوْتَاكُم وَكفوا عَن مساويهم ـ وَأخرجه أَبُو دَاوُد أَيْضا فِي كتاب الْأَدَب من سنَنه، وَلَا حرج فِي ذكر مساوي الْكفَّار، وَلَا يَأْمر بِذكر محَاسِن إِن كَانَت لَهُم من صَدَقَة وإعتاق وإطعام طَعَام وَنَحْو ذَلِك، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يتَأَذَّى بذلك مُسلم من ذُريَّته فيجتنب ذَلِك حِينَئِذٍ؛ كَمَا ورد فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس عِنْد أَحْمد وَالنَّسَائِيّ: أَن رجلا من الْأَنْصَار وَقع فِي أبي الْعَبَّاس كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة فَلَطَمَهُ الْعَبَّاس فَجَاءَهُ قومه فَقَالُوا وَالله لنلطمنه كَمَا لطمه، فلبسوا السِّلَاح، فَبلغ ذَلِك رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَصَعدَ الْمِنْبَر فَقَالَ: أَيهَا النَّاس؛ أَي أهل الأَرْض أكْرم عِنْد الله؟ قَالُوا: أَنْت، قَالَ: فَإِن الْعَبَّاس مني وَأَنا مِنْهُ، فَلَا تسبوا أمواتنا فتؤذوا أحياءنا، فجَاء الْقَوْم، فَقَالُوا: يَا رَسُول الله؛ نَعُوذ بِاللَّه من غضبك. وَفِي كتاب الصمت لِابْنِ أبي الدُّنْيَا فِي حَدِيث مُرْسل صَحِيح الْإِسْنَاد من رِوَايَة مُحَمَّد بن عَليّ الباقر قَالَ: نهى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َأَن يسب قَتْلَى بدر من الْمُشْركين، وَقَالَ: لَا تسبوا هَؤُلَاءِ فَإِنَّهُ لَا يخلص إِلَيْهِم شَيْء مِمَّا تَقولُونَ، وتؤذون الْأَحْيَاء إِلَّا أَن الْبذاء لؤم. انتهى.

وهذا الحكم لا ينطبق على الكافر المعاهد وهو المسمى بالذمي، فإن له أحكاما تخصه حيث يحرم ظلمه وأذيته، كما ثبت الوعيد الشديد في قتله بغير حق، فقد قال صلى الله عليه وسلم: أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا، أَوِ انْتَقَصَهُ، أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ، فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. رواه أبوداود، وصححه الألباني.

كما قال صلى الله عليه وسلم أيضا: من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما.
رواه البخاري وغيره.

وفي الزواجر عن اقتراف الكبائر لابن حجر الهيتمي: وأما الذمي: فكالمسلم فيما يرجع إلى المنع من الإيذاء، لأن الشرع عصم عرضه ودمه وماله. انتهى.

وللذمي أحكام تخصه منها ما يتعلق بالدية وغيرها، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 51557، ورقم: 143753.

وللتعرف على معنى الذمي شرعا راجع الفتوى رقم: 25713.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني