الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاج المبتلاة بالعشق

السؤال

أحببت شابًا مدة ست سنين, وكانت العلاقة بريئة, وكان أهلي وأهله على علم بمشاعرنا, وكان من المفترض أن نتزوج بعد انتهاء دراستي, ولكنه خانني مع فتاة أخرى, فأنهيت علاقتي به، وبعدها بعام ونصف تقدم لي شاب آخر ذو خلق, وعلى صلة بربه, ورأيت فيه كل صفات الزوج الصالح الذي أريد إكمال حياتي معه, وتم - بحمد الله - العقد منذ سنة تقريبًا وأحببته, علمًا أن كتب الكتاب كان بتوكيل من زوجي لابن خالته؛ لأنه كان يدرس في بلد آخر, ولم يستطع حضور العقد, وكانت آخر مرة رأيته فيها عام 2008 عندما تقدم لخطبتي, وتم عقد الزواج عام 2012, ومنذ أسبوعين أصبحت أرى من كنت أحب سابقًا في أحلامي كثيرًا, وأفكر فيه كثيرًا, وذكرياته دائمًا في بالي, علمًا أني لست على صلة به, ولا أعرف عنه إلا ما أسمعه بعض الأحيان من الآخرين, ولا أبالغ إن قلت: إني أراه بصورة يومية, وأصبحت أشتاق إليه بصورة غريبة, وفي بعض الأحيان يوسوس لي الشيطان الاتصال به, ولكني أستغفر وأجاهد نفسي, وأريد أن أعلم إذا كنت أخون زوجي بذلك, ولكن – واللهِ - هذا شيء خارج عن إرادتي, وما السبيل للتخلص من مثل هذه الأفكار والأحلام؟ فأنا أحب زوجي, ولا أريد خيانته فكريًا أو فعليًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأقوم سبيل للتخلص مما شكيت منه هو أن تلجئي إلى الله بالدعاء أن يصرف عن قلبك التعلق بذلك الرجل، وأقبلي على كتاب الله تلاوة, وتدبرًا, واستماعًا, فإنه الشفاء لأدواء القلوب من العشق وغيره، قال سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ {يونس:57}، وأكثري من ذكر الله في جميع أحوالك، فإنه يحصن القلب من تسلط الشيطان عليه بالنزغ والوسوسة، واقطعي كل الوسائل التي تذكرك بذاك الرجل، وإذا خطر ذكره ببالك فبادري باستغفار الله, والاستعاذة به، فإنه سبحانه نعم المعاذ، قال تعالى: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {فصلت:36}، واعلمي أنه متى امتلأ قلبك بمحبة الله, وتعظيمه, والإخلاص له فلن يكون فيه تعلق بغيره، قال ابن القيم: فإن القلب إذا أخلص وأخلص عمله لله لم يتمكن منه عشق الصور, فإنه إنما يتمكن من قلب فارغ، كما قال:
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى ... فصادف قلبًا خاليًا فتمكنا. اهـ.
وإذا غلب على قلبك تذكر ذاك الرجل، ودافعت ذلك وجاهدت نفسك في صرفه، ولم تفعلي محرمًا من نظر أو كلام، فلا تعاقبين عليه، ولا يعد ذلك خيانة لزوجك، قال ابن تيمية: وأما إذا ابتلي بالعشق وعف وصبر فإنه يثاب على تقواه الله, وقد روي في الحديث: {أن من عشق فعف وكتم وصبر ثم مات كان شهيدًا} وهو معروف من رواية يحيى القتات عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعًا, وفيه نظر, ولا يحتج بهذا, لكن من المعلوم بأدلة الشرع أنه إذا عف عن المحرمات نظرًا وقولًا وعملًا وكتم ذلك فلم يتكلم به حتى لا يكون في ذلك كلام محرم, إما شكوى إلى المخلوق, وإما إظهار فاحشة, وإما نوع طلب للمعشوق، وصَبَر على طاعة الله وعن معصيته وعلى ما في قلبه من ألم العشق, كما يصبر المصاب عن ألم المصيبة؛ فإن هذا يكون ممن اتقى الله وصبر {إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين} اهـ.
وراجعي للاستزادة في علاج العشق الفتوى رقم: 9360.

وأما الاتصال عليه بالهاتف ونحوه فمنكر وخيانة - عافاك الله منهما -.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني