الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما حكم الكذب على المصاب بالخرف إذا لم تمكن التورية؟

السؤال

ما حكم الكذب على المصاب بالخرف ـ الزهايمر ـ؟ حيث إن جدتي مصابة به، وإذا أخبرتها ببعض الحقائق فقد تتضايق، كأن أقول لها إذا عزمت على الذهاب إلى المدينة ـ وهي مقيمة في القرية ـ إنني خارج وسأعود بعد قليل، أو إذا سألت عن بعض الأموات أقول لها: إنهم بخير، وإذا أخبرتها بالحقيقة فقد تحزن وتتضايق، فما حكم هذا الكذب؟ وقد قرأت في موقعكم حكم التورية، فما حكم الكذب إذا لم نستطع التورية؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالكذب لا يجوز في الأصل، وفي المعاريض مندوحة عنه، فقد صح عن عمر وعمران بن حصين أنهما قالا: في المعاريض مندوحة عن الكذب. رواه البخاري في الأدب المفرد.

وإن لم يمكن تفادي حصول الضرر للجدة إلا بالكذب، فلا حرج فيه حينئذ, فقد رخص أهل العلم في الكذب إذا كان لجلب مصلحة معتبرة شرعًا، أو دفع مضرة لم يمكن دفعها بغير ذلك، مستدلين بالحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أم كلثوم بنت عقبة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس ويقول خيرًا وينمي خيرًا.

زاد مسلم قالت: ولم أسمعه ـ تعني النبي صلى الله عليه وسلم ـ يرخص في شيء مما يقول الناس كذبًا إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها.

وقال الإمام النووي: اعلم أن الكذب وإن كان أصله محرمًا فيجوز في بعض الأحوال، بشروط قد أوضحتها في كتاب الأذكار، ومختصر ذلك أن الكلام وسيلة إلى المقاصد، فكل مقصود محمود يمكن تحصيله بغير الكذب يحرم الكذب فيه, وإن لم يمكن تحصيله إلا بالكذب جاز الكذب، ثم إن كان تحصيل ذلك المقصود مباحًا كان الكذب مباحًا، وإن كان واجبًا كان الكذب واجبًا. اهـ.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني