الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

ما هو فضل ذكر لا إله إلا الله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فكلمة (لا إله إلا الله) أفضل الذكر بعد القرآن، صرح بذلك القرطبي، والطيبي، واستظهره ابن حجر، لما في الحديث: { أفضل الدعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له. رواه مالك في الموطأ، وصححه الألباني. وفي حديث جابر مرفوعاً: أفضل الذكر لا إله إلا الله. رواه الترمذي، وحسنه الألباني. ولأنها مفتاح الإسلام وبابه الذي لا يدخل إليه إلا منه، وعموده الذي لا يقوم بغيره، وهي أحد أركان الإسلام. انتهى بتصرف من الموسوعة الفقهية.

وراجعي الفتوى رقم: 93817.

وقد حاول جمع فضائل لا إله إلا الله غير واحد من العلماء؛ منهم الحافظ ابن رجب في رسالة مستقلة، وقد جمع الشيخ حافظ حكمي فضائلها، وشروطها، وما يتعلق بها في معارج القبول عند قوله في النظم:

وَقَدْ حَوَتْهُ لَفْظَةُ الشَّهَادَةِ ... فَهْيَ سَبِيلُ الْفَوْزِ وَالسَّعَادَةِ

مَنْ قَالَهَا مُعْتَقِدًا مَعْنَاهَا ... وَكَانَ عَامِلًا بِمُقْتَضَاهَا

فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَمَاتَ مُؤْمِنَا ... يُبْعَثُ يَوْمَ الْحَشْرِ نَاجٍ آمِنَا

ومما ذكره فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ, أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَمِعَ مُؤَذِّنًا يَقُولُ: "أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خَرَجْتَ مِنَ النَّارِ. وَفِيهِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ, حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ. وَفِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ الْآتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى: أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ, وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ. متفق عليه. وَهِيَ سَبَبُ دُخُولِ الْجَنَّةِ, كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَابْنُ أَمَتِهِ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ, وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ؛ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ. متفق عليه. وَفِي رِوَايَةٍ: أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ عَمَلٍ. وَهِيَ أَفْضَلُ مَا ذُكِرَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- بِهِ، وَأَثْقَلُ شَيْءٍ فِي مِيزَانِ الْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ, كَمَا فِي الْمُسْنَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- عَنِ النَّبِيِّ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ نُوحًا -عَلَيْهِ السَّلَامُ- قَالَ لِابْنِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ: آمُرُكَ بِلَا إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ؛ فَإِنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعَ لَوْ وُضِعْنَ فِي كِفَّةٍ، وَوُضِعَتْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فِي كِفَّةٍ؛ لَرَجَحَتْ بِهِنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ, وَلَوْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعَ كن حلقة مبهمة لقصمتهن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. رواه أحمد، وصححه الألباني ، .. وَفِي التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ. وَفِي الْمُسْنَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ سَيُخَلِّصُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي عَلَى رُؤوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَنْشُرُ عَلَيْهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سِجِلًّا, كُلُّ سِجِلٍّ مِثْلُ مَدِّ الْبَصَرِ ثُمَّ يَقُولُ: أَتُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا؟ أَظْلَمَكَ كَتَبَتِي الْحَافِظُونَ؟ فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ. فَيَقُولُ: أَفَلَكَ عُذْرٌ؟ فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ. فَيَقُولُ: بَلَى إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَةً, وَإِنَّهُ لَا ظُلْمَ عَلَيْكَ الْيَوْمَ, فَيُخْرِجُ بِطَاقَةً فِيهَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فَيَقُولُ: احْضُرْ وَزْنَكَ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ مَا هَذِهِ الْبِطَاقَةُ مَعَ هَذِهِ السِّجِلَّاتِ؟ فَقَالَ: فَإِنَّكَ لَا تُظْلَمُ قَالَ: فَتُوضَعُ السِّجِلَّاتُ فِي كِفَّةٍ وَالْبِطَاقَةُ فِي كِفَّةٍ, فَطَاشَتِ السِّجِلَّاتُ وَثَقُلَتِ الْبِطَاقَةُ, وَلَا يَثْقُلُ مَعَ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى شَيْءٍ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وصححه الألباني.

فراجعيه فإنه فريد في بابه، والكتاب متوفر على الشبكة، والمكتبة الشاملة، وغيرها.

وكذا كتاب: " الكلمة المقدسة " للشيخ محمد إسماعيل السكندري -حفظه الله-

رزقنا الله وإياكم الحياة والممات على الشهادة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني