الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الغيبة قد تجب إذا تعينت لبلوغ غرض شرعي صحيح

السؤال

ما حكم شخص أجر منزلا لشخص آخر، وبعد ذلك شعر أنه أخطأ في ذلك لإحساسه أن ذلك الشخص أضر بمن حوله، فهو الآن نادم لأنه أجر له المنزل، ولكن الرجل كانت قد انتهت فترة إقامته، ورجع لبلده، وهو لا يعرف عنوانه ليصل إليه ويسأله عن الأشخاص الذين حضروا إليه ليطلب السماح منهم؛ لأنه شعر أنه كان سببا في الإضرار بهم؛ لأنه أجر المنزل لذلك الرجل. والآن أثناء بحثه عنه يسأل أهل الحي عن هاتف أو عنوان ذلك الرجل، ولكنه لا يجد أحدا يعرف هاتفه أو عنوانه، ولكنه حاليا وجد شخصا من نفس بلد ذلك الرجل، فطلب منه أن يساعده في الوصول لذلك الرجل، ولكنه أخبره بما فعل ليساعده.
فهل ذلك من الجهر بالمعصية؟ وهل له أن يخبر إخوانه ليساعدوه في حل المشكلة للبحث عن ذلك الرجل؟ وماذا يفعل إذا لم يجده؟ وكيف يتوب من الناس الذين ظلموا وهو لا يعرف مكانهم وهو عندما أدخله البيت كان هدفه الإيجار لا أي هدف آخر؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد كان المناسب أن نعرف نوع هذا الظلم الذي وقع على جيران هذا المستأجر، وكيف لحق المؤجر إثم المستأجر هذا؛ ليتسنى لنا الجواب عن علم بحقيقة الأمر.

وعلى أية حال، فإن التوبة من الذنوب المتعلقة بحقوق العباد، وإن كان يشترط فيها ردها أو استحلال أهلها، إلا أن ذلك لا يعني إغلاق باب التوبة عند تعذر ذلك، سواء أكان ذلك للجهل بهم، أو عدم القدرة على الوصول لهم، أو العجز عن رد الحقوق إليهم ... فالله تعالى إذا علم صدق التائب في توبته، وعزمه على الوفاء بحقها، ورأى عجزه عن ذلك مع حرصه عليه، فإنه يتحمل عنه حقوق العباد أو يرضّيهم. وعلى التائب حينئذ بالإكثار من الحسنات، والاستغفار لأصحاب الحقوق، وراجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 112813، 114435، 139763، 44389.

وأما السؤال عن حكم الإخبار بما فعل هذا الرجل طلبا للمساعدة ممن يخبرهم، فهذا أيضا فرع لحقيقة هذا الفعل وأثره، وإمكانية الوصول لمكان هذا الرجل واستخراج الحق منه دون الإخبار بواقع حاله. وعلى أية حال فالأصل في غيبة المسلم الحرمة، إلا إذا تعينت لبلوغ غرض شرعي صحيح.

قال ابن حجر الهيتمي في (الزواجر عن اقتراف الكبائر): الأصل في الغيبة الحرمة؛ وقد تجب، أو تباح لغرض صحيح شرعي لا يتوصل إليه إلا بها. اهـ.

وقد سبق لنا بيان ذلك، وبيان الأحوال التي تباح فيها الغيبة، ومنها: تحذير المسلمين من الشر، ومنها: الاستعانة على تغيير المنكر، وراجع الفتويين: 6082، 17373.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني