الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب العلماء في حج من تفكر فأمنى أو أمذي

السؤال

حججت قبل ست سنوات تقريبًا، وقد كنت في الماضي أتخيل وأؤلف قصصًا من خيالي، لكني كنت عازمة قبل الحج أن لا يحدث ذلك الشيء في الحج، وبعد العيد بدر مني ذلك الشيء قبل النوم، وما أذكره أن القصة كانت عن زيارة أهلنا للمعايدة، وأن أحد الأشخاص ضمني، والذي أذكره في ذلك الوقت هو أنه نزل مني شيء وأنا الآن أجهل ماذا كان، وهل هو مني أو مذي؟ ولا تقولوا لي: هناك فرق بين المذي والمني؛ لأني من الصعب أن أتذكر شيئًا، غير أن ما أذكره هو أنه بمجرد أن حدثتني نفسي أن شخصًا ضمني نزل مني شيء، وأكملت نسج القصة بشكل عادي، بعيدًا عن ذلك الموضوع، مع العلم أني كنت عازمة قبل الحج أن أبتعد كل البعد عن نسج القصص في عقلي، سواء كانت عادية أم فيها مقدمات الإثارة من ضم، وغيره، وقد تبت إلى الله، وقرأت في هذا الموقع أن عليّ صوم ثلاثة أيام، وصمتها، لكني خائفة أن عليّ ذبيحة، وأنا لست من أهل مكة، ومتزوجة، وأفكر كيف أستطيع أن أطهر نفسي من ذنب ارتكبته في تلك الشعيرة الفاضلة، فأفتوني مأجورين.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يتقبل توبتك، وأن يثبتك عليها، وقد سبق بيان شروط التوبة المقبولة، وعلامات قبولها في الفتوى رقم: 5450.

ونفيدك بأنه لا تلزمك فدية بما نزل بسبب التفكير المجرد، سواء كان منيًا أم مذيًا، وهذا عند جمهور العلماء، جاء في المبسوط للسرخسي - وهو حنفي -: ولو تفكر فأمنى، لا يلزمه شيء.
وفي المجموع للنووي - وهو شافعي -: وأما إذا نظر إلى امرأة بشهوة، وكرر النظر حتى أنزل، فلا يفسد حجه، ولا فدية بلا خلاف عندنا ... ودليلنا أنه إنزال من غير مباشرة، فأشبه إذا فكر فأنزل من غير نظر.
وفي الشرح الكبير على المقنع - وهو حنبلي -: فإن فكر فأنزل فلا شيء عليه، وحكى أبو حفص البرمكي، وابن عقيل أن حكمه حكم تكرار النظر إذا اقترن به الإنزال في إفساد الصوم) فيحتمل أن يجب به ها هنا دم قياسًا عليه، ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "عفي لأمتي عن الخطأ، والنسيان، وما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل، أو تتكلم" متفق عليه، ولأنه لا نص فيه، ولا إجماع، ولا يصح قياسه على تكرار النظر؛ لأنه دونه في استدعاء الشهوة، وإفضائه إلى الإنزال، ويخالفه في التحريم إذا تعلق بأجنبية، أو الكراهة إن كان في زوجته فيبقى على الأصل.

وأما المالكية: فذهبوا إلى فساد حج من أدام الفكر حتى أمنى، وأما إن نزل بمجرد الفكر دون إدامة ففيه وفي المذي هدي، جاء في الثمر الداني: وأما النظر، والفكر: فلا يحصل فساد بخروج المني بسببهما، إلا إذا كان كل منهما للذة، وإدامة، وأما خروجه بمجرد النظر، والفكر، فإنما فيه الهدي فقط، هذه أحكام خروج المني، وأما خروج المذي فموجب للهدي مطلقًا، خرج بعد مداومة النظر، أو الفكر، أو القبلة، أو المباشرة، أم لا.
والراجح قول الجمهور - إن شاء الله - وانظري الفتوى رقم: 190295.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني