الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الكذب الإخبار عن الشيء على غير ما هو عليه، ولو دون تعمد، وشرط الإثم التعمد

السؤال

هل يحسب الكذب على من قاله دون قصد؟ فمن ظن أن فلانًا أتى، وهو لم يأت، فقال: قد أتى، فهل يكذب في هذه أم لا؟ فقد ذكر ابن عثيمين قصة في تفسيره سورة الكهف بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد عد أحد الصحابة كاذبًا عندما ظن أنه يجب على المرأة الأخذ بالعدة الطولى.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فان الكذب عرفه النووي بأنه الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو عليه ـ سواء كان عمدًا أم سهواـ فقد قال في شرح صحيح مسلم: وأما الكذب فهو عند المتكلمين من أصحابنا: الإخبار عن الشيء على خلاف ما هو - عمدًا كان أو سهوًا - هذا مذهب أهل السنة . انتهى.

ولكن يختلف الحكم فيمن قصد الكذب وتعمده، فهذا يأثم، إذا كان ذلك على وجه العلم، والتعمد .

وأما من غلب على ظنه حصول شيء ما وتحدث به، فكان الأمر بخلاف ما أخبر به، فلا يعد آثمًا، ولا مؤاخذة عليه، فقد قال المناوي في فيض القدير: والكذب الإخبار عن الشيء على غير ما هو عليه وإن لم يتعمد، لكن التعمد شرط الإثم. انتهى. وراجع لمزيد فائدة الفتوى رقم : 57405.

وأما عن كلام الشيخ ابن عثيمين فقد جاء عند تفسيره لقوله تعالى: إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا {الكهف:5}، وهو لا يخالف ما قدمناه، وإنما أراد الشيخ أن يدلل على أن الخبر إذا كان بخلاف الواقع فيعتبر كذبًا، وإن لم يتعمد قائله الكذب، وهذا نص كلامه - رحمه الله -: والكذب: هو الخبر المخالف للواقع، والصدق: هو الخبر المطابق للواقع، فإذا قال قائل: "قدِم فلانٌ اليوم" وهو لم يَقدُم، فهذا كذب سَواءٌ علم أم لم يعلم، ودليل ذلك قصة سُبَيْعةَ الأسلمِيَّةِ - رضي الله عنها - حينما مات عنها زوجها وهي حامل، فوضعت بعد موته بليالٍ، ثم خلعت ثياب الحداد، ولبست الثياب الجميلة تريد أن تُخطَب، فدخل عليها أبو السنابل، فقال لها: "ما أنت بناكح حتى يأتي عليك أربعةُ أشهر وعشر"، لأنها وضعت بعد موت زوجها بنحو أربعين ليلة، أو أقل، أو أكثر، فلبست ثياب الإحداد، ثم أتت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وأخبرته بالخبر، فقال لها: "كذب أبو السنابل"، مع أن الرجل ما تعمد الكذب، يظن أنها تعتدُ بأطول الأجلين. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني