الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحلف بالكذب للمصلحة الشرعية

السؤال

زوجي خانني مع امرأة أخرى، ولما أرادت أن تتوب اتصلت بي وأخبرتني من باب أن تستسمحني! وأخبرتني بتفاصيل عن زوجي مما لا يدع مجالًا للشك بأنها تكذب عليه أو ترميه بما ليس فيه، ولله الحمد والمنّة لم يقم بالزنا الكامل بها، لكنه فعل كل ما دون الجماع ـ غفر الله لهما وسترهما في الدنيا والآخرة ـ ولما أخبرتني قلت لها إنه لا يجوز لها ذلك فقد هتكت ستر الله عليهما، وتألمت جدًا ولكنني قررت أن أحتفظ بسر زوجي الحبيب حتى لا يشعر أنه صغر في نظري وحتى لا يشعر بأنني أمنّ عليه بالبقاء رغم علمي بخيانته، وما أهمني وقض مضجعي لم تكن الخيانة قدر مصابي في دينه! لكنني تذكرت أن من الصحابة من زنا وأقيم عليه الحد، ومنهم من شرب الخمر، وهو ليس بأخيّر منهم والله غفور رحيم، ولعله ذنب وبلاء تتبعه توبة نصوح، والمرأة طلبت مني أن أكتم عنه ولا أخبره أنها أخبرتني حتى لا يسبب لها المشاكل أو المصائب، لأنها فضحته أمام زوجته وهتكت ستر الله عليه وخاصة أن زوجي يعتبر طالب علم وملتح ونحسبه على خير كثير والله، ولا أزكيه وأحسب أنه زل لظروف وضغوط مر بها لا يعلمها إلا الله وظني في الله أنه تاب عليه ليتوب وغفر له وعافاه، وزوجي شك في أن المرأة أخبرتني فطلقني، فهل إن سألني يجوز لي الحلف بالله أنها لم تخبرني؟! من باب ستر المرأة حتى لا يغضب أو ينفعل فيخبر أهلها مثلًا وخاصة أنها كانت مطلقة ثم رجعت لزوجها ولو علم أنها في فترة طلاق بائن وعدة منتهية لم تحفظ عرضها ربما طلقها وستكون الثالثة أو أخد أبناءها، ولو سألني طليقي هل لي أن أكذب؟ وهل إن طلب مني القسم بالله أقسم؟! ادعوا لي أن يرده الله لي ويكفيني ويعفني وأرضِي الله فيه وأدخل به ومعه الجنة، فوالله إني أحبه في الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أصبت فيما ذكرت من أنه كان الواجب على هذه المرأة أن تستر على نفسها، فلا تخبرك ولا تخبر غيرك بما وقع منها أو من زوجك من معصية، وراجعي الفتوى رقم: 33442.

والأصل في زوجك السلامة مما نسبته إليه حتى يثبت ذلك بالبينة، خاصة وأنك قد ذكرت أنه على خير، فقد أسأت إذن بتصديقك هذه المرأة من غير تثبت من خبرها، والله تعالى عز وجل قد أوجب التثبت في الأخبار حيث يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ {الحجرات:6}.

وانظري الفتوى رقم: 70840.

والكذب محرم، وأشد من ذلك أن يحلف المسلم كذبا، ولكن إن تعين الكذب أو الحلف به سبيلا لتحصيل مصلحة شرعية أو دفع ضرر جاز المصير إليه، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 41794.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني