الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف تحول مصيبتك ومحنتك إلى منحة

السؤال

أشعر أنني خارج الدنيا، وأقصد أنني تائه في حياتي، ولا أعرف ماذا أفعل حيث فكرى مشغول دائما، فلا إنتاج في عمل، ولا رياضة، ولا قراءة، ولا دعوة إلى الله، بعدما أصبت وأصبحت ممسوحا بدون عضو ولا خصيتين. فماذا أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله سبحانه أن يجعل ما أصابك كفارة عن السيئات ورفعة في الدرجات ، ففي صحيح مسلم أحاديث متعددة تصرح بأن كل بلاء أو كرب أو ألم نفسي أو بدني يصيب المسلم تحط به سيئاته وترفع به درجاته ، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : "ما يصيب المؤمن من وصبٍ ولا نصبٍ ولا سقمٍ ولا حزنٍ حتى الهم يهمه إلا كُفِّر به من سيئاته"
فنصيحتنا لك أن تصبر على أمر الله وقضائه بقلبٍ مطمئن ولسانٍ شاكر ، ولتعلم أن ذلك خير لك في عاجل أمرك وآجله إذا لم يصرفك عن الله تعالى.

يقول ابن الجوزي:" وإنما البلاء المحض، ما يشغلك عنه، فأما ما يقيمك بين يديه، ففيه جمالك"
فلا تفتك الفرصة، وأقبل على الله تعالى ، فإنك إذا جعلت من تلك الإصابة بابا للتقرب إلى الله، ومحاسبة النفس، والتفكر في حقارة الدنيا، والاستعداد ليوم الرحيل ، فحينئذ تتحول المحنة إلى منحة ، يقول عليه الصلاة والسلام:" عجبا لأمر المؤمن ، إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له" رواه مسلم.

فالصبر على البلاء، وعلى قدر الله خيره وشره حلوه ومره موجب لحصول ما أعد الله للصابرين الذين مدحهم الله، وأثنى عليهم في كثير من آيات القرآن، قال تعالى: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة:155- 157].
ولتعلم أنه يوجد كثيرون في وضع أسوأ منك: إما نفسياً وإما بدنيّاً ، والعاقل ينظر إلى حال غيره ممن هو أشد بلاء منه، ويحمد الله على حاله. وننصحك بما قاله ابن الجوزي:" من نزلت به بلية، فأراد تمحيقها، فليتصورها أكثر مما هي تهن، وليتخيل ثوابها، وليتوهم نزول أعظم منها، ير الربح في الاقتصار عليها" اهـ

وتذكر أن هذه الدنيا دار ابتلاء واختبار يمر فيها الإنسان بأنواع من الاختبارات. والعاقل من عرف قيمة الدنيا، وأنها مهما كثرت منغصاتها، وعظمت مصائبها فلا تستحق أن يتألم الإنسان من أجلها ، فإنما هي دار ممر لا دار مقر ، ودار عبور لا دار حبور.
وانظر الفتويين 5249، 13270.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني