الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشروعية ذب الإنسان عن عرضه

السؤال

إصراري على غض البصر، والتحفظ في ستر العوره دفع أصدقائي وحتى أهلي لتتبع عوراتي، ومرة لاحظت أنهم يتبادلون الكلام عني، فيقولون يا خسارة، ويتحدثون عن الزواج، ويحزنون علي، فكتبت على الفيس: أنا لست كذابا، ولست معيبا، ولا تتبعوا عورات الناس. فكانت النتيجة أن فعل أصدقائي أصبح يتكرر من كل من يعرفني. هل أخطأت أو أذنبت؟ وما ذنبي؟ وكيف يمكن إصلاح ما حدث؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يرزقك الهدى والتقى والعفاف والغنى ، وأن يرد عنك كيد الكائدين وحسد الحاسدين . ونوصيك بالصبر ، ففي الصبر خير كثير ، وانظر الفتوى رقم: 18103.

واحرص على الدعاء، وسؤال الله العافية من كل بلاء ، روى أحمد والترمذي عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال : قلت : علمني شيئا أسأله الله عز وجل، قال: سل الله العافية. فمكثت أياما، ثم جئت فقلت: يا رسول الله؛ علمني شيئا أسأله الله، فقال لي: يا عباس، يا عم رسول الله، سلوا الله العافية في الدنيا والآخرة .

وتتبع عورات المسلم منهي عنه شرعا ، وجاء التحذير الشديد عنه في السنة الصحيحة ، ففي سنن الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فنادى بصوت رفيع فقال : يا معشر من قد أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين، ولا تعيروهم، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله.

ففي ضوء هذا الحديث ناصح برفق من يحاول أن يفعل ذلك معك ، وأرشدهم إلى الأدب الرفيع الذي ورد في الحديث الذي رواه الترمذي عن الحسين رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ".

ولا يظهر لنا أنك أخطأت خطأ تحتاج إلى إصلاحه ، أو ارتكبت ذنبا يستوجب التوبة منه. فأعرض عن كل جاهل، وتحلى معه بالأدب الرباني في قول الله تعالى واصفا عباده المؤمنين بقوله: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا {الفرقان:63}.

واجتهد في تجنب مواطن الشبهات حتى لا يظن بك سوء، فيهلك أناس بسببك، واعمل على تبرئة ساحتك حيث تطلب الأمر ذلك ، ثبت في الصحيحين عن صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها: أنها جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره وهو معتكف في المسجد في العشر الأواخر من رمضان، ثم قامت تنقلب، فقام معها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا بلغ قريبا من باب المسجد عند باب أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم مر بهما رجلان من الأنصار، فسلما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم نفذا، فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم : " على رسلكما " . قالا : سبحان الله يا رسول الله وكبر عليهما ذلك. فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن الشيطان يبلغ من الإنسان مبلغ الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا ".

ووصيتنا الأخيرة أن تقدم على الزواج ما أمكنك ذلك يعينك الله به في أمور دينك ودنياك ، فتحصن به فرجك ، وتعف نفسك ، وتستجلب به الغنى إن كنت فقيرا محتاجا ، وانظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 219301.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني