الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الترهيب من السخرية بالمسلم واحتقاره

السؤال

مشكلتي صغر القضيب ـ حوالي 7.5 سم في الارتخاء، و11.5 سم في الانتصاب ـ وإصراري على غض البصر دفع الناس لتتبع عوراتي وأصبحوا يسخرون مني حتى وأنا أستر نفسي جيدا، فهل فعلا أنا معيب؟ وهل لهم الحق في أن يسخروا مني؟ وكيف أتعامل مع الواقع الحالي قلت لن أجلس مع من يسخر مني، لكنهم زادوا إصرارا على سخريتهم مني ويعتبرونه خارجا عن إرادتهم وشيئا فطريا أن يضحكوا مني، فما الحق في رأيكم؟ وهل من حقي الزواج؟ وهل من حق زوجتي أن أخبرها بعد كتب الكتاب حتى لا أوقعها في فتنه بعد أن ترى الناس يسخرون مني؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد ذكرتَ في سؤالك الآخر أنك سألت المختصين من أهل الطب عن ذلك وقد أخبروك بأن الأمر طبيعي، فهذا يعني أنك غير معيب، وأن من حقك الزواج دون أن تخبر من تريد الزواج منها بشيء من هذا القبيل، فننصحك بعدم التفكير في هذا الأمر لما قد يجره من وساوس يصعب دفعها بعد ذلك.
وأما سخرية بعض الناس منك: فلا يجوز، فإن السخرية بالمسلم كبيرة من الكبائر كما ذكر ذلك الهيتمي في الزواجر، وقد قال الله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ{الحجرات : 11}.
قال ابن كثير رحمه الله: ينهى تعالى عن السخرية بالناس، وهو احتقارهم والاستهزاء بهم، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: الكِبْر بطر الحق وغَمْص الناس ـ ويروى: وغمط الناس ـ والمراد من ذلك: احتقارهم واستصغارهم، وهذا حرام، فإنه قد يكون المحتقَر أعظم قدرا عند الله وأحب إليه من الساخر منه المحتقِر له. انتهى.

واحتجاجهم بأن الاستهزاء بك شيء فطري غير صحيح، ولا يرفع عنهم الإثم، بل فيه إصرار منهم على ارتكاب هذه الكبيرة، ونوصيك بالصبر على أذاهم، ونصحهم إن استطعت، فإن لم تستطع أو لم يستجيبوا لك فابتعد عن مجالستهم واهجرهم هجرا جميلا، واحرص على مجالسة ومصاحبة الأخيار، قال ابن عبد البر ـ رحمه الله ـ في الاستذكار: مَنْ خُشِيَ مِنْ مُجَالَسَتِهِ وَمُكَالَمَتِهِ الضَّرَرُ فِي الدِّينِ أَوْ فِي الدُّنْيَا، وَالزِّيَادَةُ فِي الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ فَهِجْرَانُهُ وَالْبُعْدُ عَنْهُ خَيْرٌ مِنْ قُرْبِهِ، لِأَنَّهُ يَحْفَظُ عَلَيْكَ زَلَّاتِكَ، وَيُمَارِيكَ فِي صَوَابِكَ، وَلَا تَسْلَمُ مِنْ سُوءِ عَاقِبَةِ خُلْطَتِهِ، وَرُبَّ صَرْمٍ جَمِيلٍ خَيْرٌ من مخالطة مؤذية. انتهى.
وفي معنى الهجر الجميل يقول ابن عاشور ـ رحمه الله ـ في تفسيره: فالهجر الجميل هو الذي يقتصر صاحبه على حقيقة الهجر، وهو ترك المخالطة، فلا يقرنها بجفاء آخر أو أذى. انتهى.

وللفائدة يرجى مراجعة الفتاوى التالية أرقامها: 224062، 243712، 186069.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني