الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك.. بعد الفجر والمغرب، وفي الصباح والمساء

السؤال

قول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير" عشر مرات، بعد صلاتي الفجر والمغرب، هل يختلف عن قول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" عشر مرات، في أذكار الصباح والمساء، أقصد فيما وردت به السنة؟ وهل هما منفصلان في الأجر ـ أي أن كل واحد ورد فيه ترغيب منفصل عن الآخر؟ وما الثواب الخاص بكل ذكر منهما؟ وهل الأحاديث التي ورد فيها الذكران السابقان صحيحة -جزاكم الله تعالى خيرًا-؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد سبق في الفتويين رقم: 199359، ورقم: 113390، الكلام على الروايات الواردة في ذلك، وبيان صحتها والثواب الوارد فيها.

وقد تعددت تلك الروايات وتباينت، فمن حيث الألفاظ ورد في بعضها زيادة ـ يحيي ويميت ـ وبعضها لم ترد في هذه الزيادة، واختلفت أيضًا من حيث الثواب، فقد ورد في بعضها أنه كمن أعتق رقبة من ولد إسماعيل، وورد أيضًا: أربعة، وورد: عشر، وورد غير ذلك، واختلفت كذلك من حيث الإطلاق والتقييد، فمنها ما ورد مطلقًا، ومنه ما ورد مقيدًا بالإصباح والإمساء، ومنها ما ورد مقيدًا بدبر صلاتي الفجر والمغرب، وبناء على ذلك اختلفت وجوه الجمع والترجيح بينها، قال الحافظ ابن حجر: واختلاف هذه الروايات في عدد الرقاب مع اتحاد المخرج يقتضي الترجيح بينها، فالأكثر على ذكر أربعة، ويجمع بينه وبين حديث أبي هريرة بذكر عشرة؛ لقولها مائة، فيكون مقابل كل عشر مرات رقبة من قبل المضاعفة، فيكون لكل مرة بالمضاعفة رقبة، وهي مع ذلك لمطلق الرقاب، ومع وصف كون الرقبة من بني إسماعيل يكون مقابل العشرة من غيرهم أربعة منهم؛ لأنهم أشرف من غيرهم من العرب فضلًا عن العجم.

وأما ذكر رقبة بالإفراد في حديث أبي أيوب فشاذ، والمحفوظ: أربعة، كما بينته، وجمع القرطبي في المفهم بين الاختلاف على اختلاف أحوال الذاكرين، فقال: إنما يحصل الثواب الجسيم لمن قام بحق هذه الكلمات، فاستحضر معانيها بقلبه، وتأملها بفهمه، ثم لما كان الذاكرون في إدراكاتهم وفهومهم مختلفين كان ثوابهم بحسب ذلك، وعلى هذا ينزل اختلاف مقادير الثواب في الأحاديث فإن في بعضها ثوابًا معينًا، ونجد ذلك الذكر بعينه في رواية أخرى أكثر أو أقل، كما اتفق في حديث أبي هريرة، وأبي أيوب، قلت: إذا تعددت مخارج الحديث، فلا بأس بهذا الجمع، وإذا اتحدت فلا، وقد يتعين الجمع الذي قدمته، ويحتمل فيما إذا تعددت أيضًا أن يختلف المقدار بالزمان، كالتقييد بما بعد صلاة الصبح مثلًا، وعدم التقييد، إن لم يحمل المطلق في ذلك على المقيد.

والحاصل أنها تقال بعد صلاتي الصبح والمغرب، وتقال كذلك في أذكار الصباح والمساء، ولكل منها أجرها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني