الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ذم التباغض بين المؤمنين

السؤال

هل كره شخص ما وخاصة إذا كان هذا الشخص يصلي في الجامع أغلب الأوقات، بسبب إحساس داخلي على أنه مراء علامة على قلة الإيمان؟ أم أنه شعور داخلي لا حساب عليه؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمؤمنون مأمورون بالتحاب وعدم التباغض، كما ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ولا تباغضوا.

ولا يجوز سوء الظن بمن ظاهره الصلاح واعتقاد أنه مراء، لأن بواطن الناس لا يطلع عليها إلا الله تعالى، فالذي ينبغي هو مجاهدة النفس من أجل حب هذا الشخص الذي ظاهره الصلاح، فإن محبة أهل الإيمان والاستقامة من الدين، وبغضهم علامة على ضعف الدين ـ عياذا بالله ـ قال القاري في شرح قوله: ولا تباغضوا ـ والأظهر أن النهي عَنِ التَّبَاغُضِ تَأْكِيدٌ لِلْأَمْرِ بِالتَّحَابُبِ مُطْلَقًا إِلَّا مَا يَخْتَلُّ بِهِ الدِّينُ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ حِينَئِذٍ التَّحَابُبُ، وَيَجُوزُ التَّبَاغُضُ، لِأَنَّ غَرَضَ الشَّارِعِ اجْتِمَاعُ كَلِمَةِ الْأُمَّةِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا {آل عمران: 103} وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّحَابُبَ سَبَبُ الِاجْتِمَاعِ، وَالتَّبَاغُضُ مُوجِبُ الِافْتِرَاقِ، فَالْمَعْنَى لَا يُبْغِضْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا. انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: التباغض نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم حتى لو وقع في قلبك بغض لإنسان فحاول أن ترفع هذا عن قلبك، وانظر إلى محاسنه حتى تمحو سيئاته، وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا حيث قال: لا يفرك مؤمن مؤمنة ـ يعني لا يبغض المؤمن المؤمنة يعني زوجته أو أخته أو أمه، ولكن يراد الزوجة هنا لا يفرك مؤمن مؤمنة إن سخط منها خلقا رضي منها خلقاً آخر، وهذا من الموازنة بين الحسنات والسيئات، بعض الناس ينظر إلى السيئات ـ والعياذ بالله ـ فيحكم بها وينسى الحسنات. انتهى.

والحاصل أن الذي ينبغي هو دفع هذا التباغض ما أمكن، وتعاطي الأسباب الجالبة للمحبة بين المؤمنين مع عدم وجود سبب يقتضي البغض، ثم إن الحب والبغض وإن كان أمرا قلبيا لا سبيل للمرء إلى التحكم فيما يقع في قلبه منه، ولكنه يقدر على تعاطي الأسباب التي بها يمتثل ما أمر الله، ويجتنب ما نهى عنه من التباغض.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني