الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاج الذنوب هو التوبة والإنابة وليس الانتحار

السؤال

كما لا يخفى عليكم فأحد أكبر الاختبارات في هذا العصر هو الميول إلى نفس الجنس، فعندي 17 سنة، ومنذ صغري لا أجد الميول لغير جنسي أبدا نتيجة لتحرش جنسي في صغري وقع علي، وفي المجتمع المصري لا يوجد مساعد لنا، ولا تفرق أصلا بين العاصي والمبتلى، والأدهى من ذلك الشيوخ الذين لا يشرحون شروط قيام حد اللواط مما يؤدي إلى نشر الجهل ثم القتل، بدأت مثل أي شخص أبحث هل ميولي حلال أم حرام؟ وهل الفعل القذر عليه عقاب؟ ويكفي قوله تعالى: وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الأَلِيمَ ـ ولكنني لا أستطيع طلب المساعدة من أحد.... وليس بيني وبين الانتحار إلا مسألة وقت، فهل حديث القتل ضعفه الكثير من أهل العلم؟ وهل سوف آخذ حقي يوم القيامة من أمثال هؤلاء، وخصوصا الشيوخ الذين ينشرون الأخطاء الدينية عمدا في هذا الباب؟ كما علمت أن اللواط يلي الكفر، وأن الزنا مع حليلة الجار أعظم من اللواط على مذهب ابن حزم، وهو مذهب الجمهور، وأن القتل أعظم من اللواط والزنا، ومنذ أن سمعت القول الأول وأنا أفكر في الانتحار.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يشرح صدرك، وأن يسددك إلى الفطرة، وأن يدخلك الجنة، ونود أن ننبهك إلى أنك تدخل إلى معارك جانبية جزئية، وتهدر الأصل، فالواجب أن تصب جهدك كله في الخلاص من هذه الحال، مع الثقة التامة بالله، والتوكل عليه والإنابة إليه، لماذا تخور عزيمتك أخانا الكريم؟ لابد أن تبحث عن وسيلة حقيقية للتداوي، ويمكن مراجعة طبيب نفسي ثقة، وراجع للأهمية قسم الاستشارات من موقعنا، وأما أن تعالج ذلك بالانتحار، فهو مزيد ذنب، ومعصية، وانظر الفتوى رقم: 53157.

وراجع للأهمية في وسائل العلاج الفتويين رقم: 7413، ورقم: 59332.

ومن فضل الله عليك أنك لم تقع في نفس المعصية مختاراً، ولكنها مجرد ميول كما ذكرت، فالفرصة سانحة ـ بإذن الله تعالى ـ لتتداوى منها قبل استفحالها.

وأما العلماء: فإنهم يفتون بما يتبين لهم، ويجيبون على قدر السؤال الموجه لهم من المستفتي، وكونك ترى ضعف حديث أو أثر، فلا يلزم منه أن يروه هم ضعيفا، ثم إن الأصل تبيين الحكم، ثم الاستثناءات تأتي تبعاً لحال السائل، فقد يكون مكرها، وقد تكون هناك ملابسات أخرى تؤثر في الحكم، وفي الجملة، نوصيك أن تسعى لمجاهدة نفسك للتخلص من تلك الميول، وثق تماماً أن الله حكم عدل يقتص لكل مظلوم، المهم هو أن تبحث عن نجاة نفسك، قال تعالى: وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا * اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا {الإسراء: 13ـ14}

قال ابن كثير: قال معمر: وتلا الحسن البصري: عن اليمين وعن الشمال قعيد {ق: 17} يا ابن آدم، بسطت لك صحيفتك، ووكل بك ملكان كريمان، أحدهما عن يمينك، والآخر عن يسارك، فأما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك، وأما الذي عن يسارك فيحفظ سيئاتك، فاعمل ما شئت، أقلل أو أكثر، حتى إذا مت طويت صحيفتك فجعلت في عنقك معك في قبرك، حتى تخرج يوم القيامة كتابا تلقاه منشورا: اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ـ قد عدل ـ والله ـ عليك من جعلك حسيب نفسك ـ هذا من حسن كلام الحسن، رحمه الله. انتهى.

وراجع للفائدة الفتوى رقم: 126658.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني