الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنفع دواء لإطفاء نار العشق

السؤال

في السنة الأولى من الكلية وقع في قلبي حب فتاة معي في الدفعة ولم أكلمها لحرمة ذلك وانصرفت عنها، والدفعه الآن قد تخرجت ولا أستطيع التقدم لها، لأنني ما زلت أدرس وأريد أن أتخلص من ذلك العشق، لأنه يؤلمني جدا ويشغل قلبي، وقرأت لابن القيم أن من وسائل التخلص من العشق أن ييأس العاشق من الوصول للمعشوق، فأريد أن أعرف هل تزوجت أم لا، ولكنني لا أعرف اسمها ولكنني أعرف شكلها وعندي صورة لمجموع الدفعة، فهل يجوز لي البحث عنها في هذه الصورة مع العلم أنني سأنظر إلى بنات الدفعة كلهن حتى أجدها وأعرف اسمها وأبحث من خلال اسمها هل تزوجت أم لا حتى أتخلص من تلك الآلام؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله سبحانه أن يحفظك من الفتن ويصرف عنك السوء والفحشاء، ونفيدك بأن النظر إلى صور البنات الأجنبيات لأجل الغرض المذكور لا يجوز، لما فيه من مفسدة واضحة وراجحة على تلك المصلحة المظنونة، بل قد لا تكون هناك مصلحة أصلا، وذلك بافتراض أنها لم تتزوج، بل ستزداد مفسدة التعلق بها حينئذ طالما أنك لا تستطيع الزواج منها، ثم إن هذا قد يكون أيضا من تلبيس إبليس ليوقعك في حبائله بالانشغال بشأنها والنظر إلى صورتها وصور غيرها من النساء الأجنبيات دون مصلحة شرعية واضحة، بل قد يكون هذا ما يذكي نار العشق أكثر، ثم ما الذي يضمن لك أن العشق سينقطع بعلمك بزواجها؟ فالعشق قد يقع بين المتزوج والمتزوجة الأجنبيين عن بعضهما، ويمكنك إشعار نفسك باليأس منها بالابتعاد عنها وعن أخبارها حتى تشعر بأنه لا سبيل إلى الوصول إليها، لا سيما وأنت لا تعرف عنها إلا شكلها، فهذا أدعى إلى اليأس منها مما تريد فعله.

وأخيرا، نوصيك بأن تملأ قلبك بخواطر الإيمان بحبه سبحانه وتعالى وتوحيده، والتفكر في آياته، والخوف من غضبه وعذابه، ودعائه سبحانه وتعالى بأن يصرف عنك ما تجد، يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ في كتابه القيم: الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي ـ ودواء هذا الداء القتَّال أن يعرف أن ما ابتلي به من هذا الداء المضاد للتوحيد، إنما هو من جهله، وغفلة قلبه عن الله تعالى، فعليه أن يعرف توحيد ربه وسننه وآياته أولاً، ثم يأتي من العبادات الظاهرة والباطنة بما يشغل قلبه عن دوام الفكرة فيه، ويكثر اللجأ والتضرع إلى الله سبحانه في صرف ذلك عنه، وأن يرجع بقلبه إليه، وليس له دواء أنفع من الإخلاص لله، وهو الدواء الذي ذكره الله في كتابه، حيث قال: كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ {يوسف:24} وأخبر سبحانه أنه صرف عنه السوء من العشق والفحشاء من الفعل بإخلاصه، فإن القلب إذا أخلص عمله لله لم يتمكن منه عشق الصور، فإنه إنما يتمكن من قلب فارغ، كما قال:

أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى====== فصادف قلبًا خاليًا فتمكنا.

وقد ذكرنا بعض الوسائل النافعة للتخلص من داء العشق في الفتوى رقم: 9360.
وفقك الله وهداك، وأصلح بالك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني