الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طاعة الرسول وإرضاؤه من طاعة الله تعالى

السؤال

أعرف بأن رضا الله، في رضا ‏الرسول صلى الله عليه وسلم.‏
‏ هل معنى ذلك أن رضا الله، مثل ‏رضا الرسول صلى الله عليه وسلم ‏من ناحية الأهمية- حاشا لله أن ‏يشبه بخلقه- أو أن طاعة الله في ‏طاعة رسوله. هل معنى ذلك أن ‏طاعة الله، مثل طاعة الرسول صلى ‏الله عليه وسلم، من ناحية الأهمية.‏حاشا لله أن يشبهه خلقه.
‏ والسؤال الثاني: هل ما يحصل في ‏الآخرة يكون من مشيئة الله؟
‏ والسؤال الثالث: هل يجوز قول: لا ‏رحمن إلا الله، أو لا تواب إلا الله ‏وغيرها. حاشا لله أن أكون أقلل من ‏عظمته سبحانه؟
وبارك الله فيكم. ‏

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم واجبة؛ لما فيها من طاعة لله تعالى، كما قال الله تعالى: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا {النساء:80}.

وإرضاؤه صلى الله عليه وسلم من جملة إرضاء الله تعالى، والعبد مكلف بطاعتهما وإرضائهما، وكلاهما مستويان في الوجوب والأهمية، كما قال الله تعالى: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {آل عمران:132}، وقال الله تعالى: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ {التغابن:12}.

وقال الله تعالى: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ {التوبة:62}.

وقال تعالى: فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا {النساء:65}، وفي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قيل: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى.

هذا مذهب الجمهور وهو الراجح، وفصل آخرون بين أمر الرب، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، فجعلوا أمر الله للوجوب، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، للندب، ولكن الراجح هو القول الأول للأدلة التي ذكرنا سابقاً.

قال الشيخ سيدي عبد الله في مراقي السعود:

وافعل لدى الأكثر للوجوب * وقيل للندب أو المطلوب

وقيل للوجوب أمر الرب * وأمر من أرسله للندب اهـ.

وأما ما يحصل في الآخرة فهو من مشيئة الله تعالى، فلا يقع شيء إلا بإذنه.

وأما قولك: لا رحمن إلا الله، أو لا تواب إلا الله. فان الله تعالى هو الرحمن، ولا تطلق هذه العبارة إلا عليه سبحانه وتعالى.

ولا حرج في قولك لهذا اللفظ كما قال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: قال الحليمي: لو قال لا رحمن، أو لا بارئ إلا الله، أو لا إله إلا الله أو الرحمن، أو البارئ أو من آمن به المسلمون، أو من في السماء كفى في إيمانه بالله لإفادته التوحيد. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني