الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تصنيف الناس حسب أنسابهم والتفاخر بالأنساب

السؤال

سؤالي هو: ما حكم تصنيف الناس حسب أنسابهم، والتفاخر بالأنساب، وكتابة القصائد التي تعزز الوقائع القتالية التاريخية لقبيلة ضد قبيلة أخرى؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن تصنيف الناس على حسب أنسابهم، إن قصد به معرفة أنسابهم، فذلك جائز، بل إن معرفة بعض الأنساب مطلوب شرعا كنسب النبي صلى الله عليه وسلم، وأزواجه، وآل بيته، والأنصار الذين حبهم إيمان، وبمعرفة الأنساب توصل الأرحام.

قال ابن حزم-رحمه الله- في جمهرة أنساب العرب: جعل –الله- تعارف الناس بأنسابهم، غرضاً له تعالى في خلقه إيانا شعوباً، وقبائل؛ فوجب بذلك أن علم النسب علم جليل رفيع، إذ به يكون التعارف. وقد جعل الله تعالى جزءا منه تعلّمه لا يسع أحدا جهله، وجعل تعالى جزءا يسيراً منه فضلاً تعلمه، يكون من جهله ناقص الدرجة في الفضل. وكلّ علم هذه صفته فهو علم فاضل، لا ينكر حقه إلا جاهل، أو معاند. انتهى.
وأما إن كان تصنيف الناس حسب أنسابهم يراد منه التفاخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، فهذا من الجاهلية، فقد وروى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أربع في أمتي، من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة...". وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية، وفخرها بالآباء، مؤمن تقي، وفاجر شقي، الناس بنو آدم، وآدم من تراب، لينتهين أقوام عن فخرهم برجال، أو ليكونن أهون عند الله من عدتهم من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن. رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني.
قال المباركفوري في مرعاة المفاتيح: ومعنى الفخر في الأحساب، هو: التكبر، والتعظم بعَدّ مناقبه ،ومآثر آبائه، وهذا يستلزم تفضيل الرجل نفسه على غيره ليحقره، وهو لا يجوز. وفي الحديث: كرم الرجل دينه، وحسبه خلقه. وفي ذلك نفي ما كان عليه أهل الجاهلية، وفيه تنبيه على أن الحسب الذي يحمد به الإنسان ما تحلى به من خصال الخير في نفسه، لا ما يعده من مفاخره ومآثر آبائه.

والطعن في الأنساب: أي إدخال العيب في أنساب الناس، وذلك يستلزم تحقير الرجل آباء غيره، وتفضيل آبائه على آباء غيره، وهو ممنوع. انتهى.
وكذلك كتابة القصائد التاريخية بين قبيلتين، يراعى فيها ما سبق، وذلك أن الشعر حكمه حكم الكلام بصفة عامة، وإن مما يذم من الكلام وينهى عنه: التفاخر، والخيلاء بمعنى التمدح بالخصال، والمباهاة بالمكارم، والتطاول، وتبرئة قبيلة من كل عيب، مع الطعن في قبيلة أخرى. وراجع الفتوى رقم: 137861، والفتوى رقم: 95893.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني