الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فضل الاستعانة بالله وترك سؤال الناس

السؤال

كيف نطبق حديث النبي صلي الله عليه وسلم: لا تسأل الناس شيئا ـ تطبيقا صحيحا؟ وما هي ضوابط تطبيقه؟ وكيف أعمل به على الوجه الذي يحبه الله ويرضاه من دون أن أؤذي نفسي أو أؤذي غيري، لأنه في كثير من الأحيان يكون الإنسان لا يستطيع أن يؤدي عملا دون مساعدة الآخرين وطلب ذلك منهم؟ وكيف الجمع بينه وبين حديث: يد الله مع الجماعة؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن من شأن المسلم العفة والقناعة عما بأيدي الناس، والحرص على أن لا يسأل أحدا شيئا، ومما يعين على تطبيق ذلك أن يتكسب العبد بما يفتح الله له من أبواب الكسب، وأن يحرص على خدمة نفسه، فلا يستعين بالناس في قضاء حاجاته الشخصية، وقد جاءت الأحاديث متضافرة في هذا المعنى، ففي البخاري عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير له من أن يسأل أحدا فيعطيه أو يمنعه.

وأخرج مسلم في صحيحه، وأبو داود عن عوف بن مالك قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة أو ثمانية أو تسعة، فقال: ألا تبايعون رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وكنا حديث عهد ببيعة، فقلنا قد بايعناك يا رسول الله، ثم قال: ألا تبايعون رسول الله؟ فقلنا قد بايعناك يا رسول الله، ثم قال: ألا تبايعون رسول الله؟ قال فبسطنا أيدينا وقلنا قد بايعناك يا رسول الله، فعلام نبايعك؟ قال: أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، والصلوات الخمس، وتطيعوا ـ وأسر كلمة خفية ـ ولا تسألوا الناس شيئاً، فلقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم فما يسأل أحدا يناوله إياه.

وعن ثوبان ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من يكفل لي أن لا يسأل الناس شيئاً وأتكفل له بالجنة، فقال ثوبان: أنا، فكان لا يسأل أحداً شيئاً. رواه أبو داود والحاكم، وصححه الحاكم والنووي والمنذري.

ولا تعارض بين الاستغناء عن الناس وبين حديث: يد الله مع الجماعة ـ لأن الحرص على الجماعة والبعد عن الفرقة لا يلزم منه سؤال الناس، وإذا كنت لا تستطيعين ترك الاستعانة بالناس لكونك تعجزين عن القيام بمهامك أو تتأذين بالقيام بها وحدك، فإن الاستعانة بالناس فيما يقدرون عليه جائزة، ويستحب لهم القيام بذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه. رواه مسلم وغيره.

وقوله صلى الله عليه وسلم من حديث سفيان الثوري قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: الرجل يأتيني فيريد مالي، قال: ذكره بالله، قال: فإن لم يذكر؟ قال: فاستعن عليه بمن حولك من المسلمين، قال: فإن لم يكن حولي أحد من المسلمين؟ قال: فاستعن عليه بالسلطان.... إلى آخر الحديث، وهو في سنن النسائي، وقال الشيخ الألباني: حسن صحيح.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني