الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصيحتان نافعتان لقطع دابر الوساوس

السؤال

ذات مرة ذهبت إلى صلاة الجمعة مبكرا فجلست في الصف الأول، وكان هنالك تحت النافذة طاولة صغيرة عليها قرآن وكان على القرآن ستارة فأخذت هذه الطاولة وجلست أقرأ، ثم أرجعتها إلى مكانها، ولكن كانت النافذة مفتوحة مما أدى إلى أن تأتي الستارة على القرآن وكنت أعلم أن هذا الشيء سيحصل عندما وضعتها، وكنت أبعد هذه الستارة عن القرآن وعندما قمت إلى الصلاة لما أبعدها، فهل ما فعلته يعتبر إهانة للقرآن ويؤدي إلى الكفر؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فليس في ذلك إهانة للقرآن ولا أنه يؤدي إلى الكفر، وإنما هي وساوس يلقيها الشيطان في نفسك ليوقعك في الهم والغم ويصدك عن الخير والعمل، فلا تتبع خطوات الشيطان، وننصحك بالكف عن مثل هذه الوساوس، فقد بينا مرارا وتكرارا أن أفضل علاج للوساوس بعد الاستعانة بالله هو الإعراض عنها وعدم الاكتراث بها وللتفات إلى شيء منها، واستمع لهاتين النصيحتين النافعتين:
الأولى: قول النووي ـ رحمه الله ـ في الأذكار: أنفع علاج في دفع الوسوسة الإقبال على ذكر الله تعالى والإكثار منه، وقال السيد الجليل أحمد بن أبي الحواري: شكوت إلى أبي سليمان الداراني الوسواس، فقال: إذا أردت أن ينقطع عنك، فأي وقت أحسست به فافرح، فإنك إذا فرحت به انقطع عنك، لأنه ليس شيء أبغض إلى الشيطان من سرور المؤمن، وإن اغتممت به زادك. قلت: وهذا مما يؤيد ما قاله بعض الأئمة: إن الوسواس إنما يبتلى به من كمل إيمانه، فإن اللص لا يقصد بيتا خربا. انتهى.
والثانية: قول ابن حجر الهيتمي ـ رحمه الله ـ وقد سئل عن داء الوسوسة، هل له دواء؟ فأجاب بقوله: له دواء نافع، وهو الإعراض عنها جملة كافية، وإن كان في النفس من التردد ما كان، فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت، بل يذهب بعد زمن قليل كما جرب ذلك الموفقون، وأما من أصغى إليها وعمل بقضيتها، فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين، بل وأقبح منهم كما شاهدناه في كثيرين ممن ابتلوا بها وأصغوا إليها وإلى شيطانها... فتأمل هذا الدواء النافع الذي علمه من لا ينطق عن الهوى لأمته، واعلم أن من حرمه فقد حرم الخير كله، لأن الوسوسة من الشيطان اتفاقا واللعين لا غاية لمراده إلا إيقاع المؤمن في وهدة الضلال والحيرة ونكد العيش وظلمة النفس وضجرها إلى أن يخرجه من الإسلام وهو لا يشعر: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا... وذكر العز بن عبد السلام وغيره نحو ما قدمته فقالوا: دواء الوسوسة أن يعتقد أن ذلك خاطر شيطاني وأن إبليس هو الذي أورده عليه، وأنه يقاتله فيكون له ثواب المجاهد، لأنه يحارب عدو الله، فإذا استشعر ذلك فر عنه. انتهى.

وللفائدة يرجى مراجعة الفتويين رقم: 51601، ورقم: 70476.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني