الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصيحة لمن تتعرض للأذى من بعض أهل زوجها

السؤال

فضيلة المفتي أسأل الله أن يرشدنا إلى الصواب على يديك.
أنا متزوجة منذ سنة، ووالدة زوجي متوفاة منذ زمن بعيد، ولكن له زوجة أب يحسبونها من أولياء الله الصالحين، ولها ابنة من زوجٍ لها قد مات، وهذه البنت هي زوجة أحد أشقاء زوجي.
يا شيخ قد منَّ الله عليّ بفضله بما يفوق زوجة والد زوجي و ابنتها في كل المجالات، وهذا فضل من الله لا دخل لي فيه، والحمد لله كل الناس كانت تشهد لي بحسن الأخلاق وطيب المعشر، ولكن منذ دخولي لهذه العائلة وزوجة والد زوجي وابنتها يكيدون لي المكائد، ويعاملونني بسوء، و يحاولون بشتى الوسائل أن يفرقوا بيننا وبين بقية أفراد عائلة زوجي، لا سيما والد زوجي الذي تعتزله بحجة أنها معتكفة، وللأسف هو معدوم الإرادة نحوها، ولها عنده الأذن الصاغية والسمع والطاعة.
زوجة الأب هذه تشتهر بالصلاح وقراءة القرآن، ولكنها تكذب كثيرا، والله على ما أقول شهيد، فهي لا تقول إلا ما يناسب هواها وهوى ابنتها، حتى وإن كان كذباً وافتراءً لا أصل له، وتقول إنها من الصوفيين أهل الدوسة أو الشيش ولا تمنع بقية أولادها من زوجها السابق من فعل ما نهى عنه الشرع، وتزعم بأنها ترى النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة وتجلس معه، وترى آل البيت وترى أرواح الأولياء والصحابة حقيقةً وواقعاً، ولكن في نفس الوقت تنسب أوصافاً للنبي عليه الصلاة والسلام لم أقف لها على أثر في جميع الكتب والأحاديث التي ورد فيها وصف النبي عليه أزكى الصلوات والتسليم؛ كوجود خال كبير في خده الأيمن مثلاً، وتزعم بأنها تستطيع أن تعرف كل شيء عن أي إنسان وما الذي يفعله وهو بعيد عنها بمجرد أن تقرأ فاتحة الكتاب مرة.
و قد كثر العداء بيني وبينها وابنتها رغم كل محاولاتي بتصفية القلوب وإخماد الفتن؛ إلاّ أنها هي و ابنتها كلما أطفأتُ فتنة أشعلوا لي أُخرى؛ بسبب غيرتهم وكيدهم، وأنا وزوجي ـ ولله الحمد ـ ملتزمون بشرع الله - إن شاء الله - ونسأل الله العفو والعافية، ولكننا نخشى ما نخشاه أن نكون نعادي وليّاً من أولياء الله الصالحين، ولكي لا أظلمها فهي تقوم الليل ولا تنفكُ عن قراءة القرآن والصدقات، ولكن حتى الصدقات تشيعها بين الناس وتمتن بها كثيراً، ولها الكثير من التصرفات التي لا ينبغي أن توجد في أولياء الله الصالحين، والتي يطول ذكرها و شرحها.
فعلى ما ذكرته لك نرجو أن تساعدنا هل هي حقّاً من أولياء الله؟ وما الذي يصحّ من تلك الكرامات التي ذكرتها؟ وكيف أتصرف معها؟
نرجو إفادتنا وجزاكم الله كل الخير

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأولياء الله تعالى هم المؤمنون الأتقياء كما أخبر عن ذلك المولى تعالى في كتابه حيث قال: أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ {يونس:62/63}، وما ذكرت من صفات في هذه المرأة تدل على أنها أبعد ما تكون من ولاية الله، وأفعالها هذه أقرب إلى دجل من ينتسبون إلى الصوفية، ويختلط عندهم الحق بالباطل، أو يلبسون على الناس بالخلط بينهما، ويدعون معرفة شيء من الغيب، وحتى يخدعوا البسطاء يزعمون أن القرآن سبيلهم في ذلك، فأمثال هؤلاء حذر الشرع منهم، قال الله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ {التوبة:34}، والأحبار هم العلماء والرهبان هم العباد.

والكرامات وهي من خوارق العادات، ثابتة في أصل الشرع، وهي تكون لأهل الاستقامة على طاعة الله، وأما أهل الفسق والفجور فإن وقع لهم شيء من خوارق العادات فهو من باب الاستدراج، وقد فصلنا القول فيها في الفتوى رقم: 32634.

ومما يدل على كذب هذه المرأة زعمها أنها ترى النبي صلى الله عليه وسلم وتجلس معه، وأنها ترى أرواح آل البيت والأولياء... إلى آخر خزعبلاتها، فإن وقع لها شيء من ذلك فعلا فإن هذا من ألاعيب الشيطان بها وخداعه لها، وليست من الكرامة في شيء. وانظري الفتوى رقم: 18881. هذا مع العلم بأن رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة غير ممكنة حسب ما ذكره المحققون من أهل العلم، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 9991.

وقد أحسنت بصبرك على أذاها، ومن الطيب أن يكون بينك وبين زوجك تفهم للأمر، فوصيتنا لكما بالمزيد من الصبر، والدعاء لها ولابنتها بالهداية والتوبة والصلاح، ونوصيك أنت خاصة بدعاء مهم كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم لرد كيد عدوه، ففي مسند أحمد وسنن أبي داود عن عبد الله بن قيس الأشعري ـ رضي الله عنه ـ أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خاف قوما قال: اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني