الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

هل أستطيع أن آخذ بقول ابن تيمية أن يسير النجاسة معفو عنه مطلقا، ولو كان في الطعام، خصوصا أنني مصابة بالوسوسة وذلك في المسألة التالية:
قمت بالاستحمام و أنا حائض ـ أكرمكم الله ـ و أثناء ذلك قمت بغسل مقعد الاستحمام بالصابون الذي غسلت به جسمي من الأسفل وكان نجسا بدم الحيض ـ أعزكم الله ـ وشطفت جسمي بعد ذلك وكذلك المقعد، واستعملت يدي للدلك أثناء صب الماء، لكن المقعد بقيت به ترسبات الصابون؛ لأن الصابون كان من النوعية الرديئة، ولأن بعض الأماكن منه كان بها القليل من ترسبات الغبار والدهون فعلق بها الصابون، فقمت بصب الماء عليه فقط؛ لأنه ظهر لي أثناءها أنه لإزالة هذه الترسبات يلزم استعمال شيء خشن كالخرقة التي تستعمل لغسل الأواني، وكنت قد أطلت في الاستحمام حوالي ساعتين، واستعملت ماء كثيرا، فتضررت يداي فتكاسلت عن غسل المقعد، في الغد صببت عليه ماء به صابون غسل الثياب، ثم صببت عليه ماء نظيفا دون دلكه، وكل مرة أتكاسل عن غسله؛ لأنني أطيل في غسل الثياب وغيرها فأخاف كل مرة أغسل فيها شيئا نجسا، وكنت حين أريد ذلك أحس أن ذلك يستلزم مني وقتا طويلا فأتركه كلية، رغم أنه فيما بعد ظهرت لدي بعض الأماكن فيها آثار صابون تبدو سهلة التنظيف دون الأخرى.
المهم بعد جفافه بقيت بعض ترسبات الصابون في بعض الأماكن منه دون غيرها، لكن أمي جلست عليه أثناء إعداد رغيف وكان بيدها زيت، وأمسكت بالمقعد وأكملت إعداد الرغيف بيدها مباشرة وأعادت استعمال الزيت، وكانت بين الحين والآخر تمسك المقعد إن وقفت وأرادت الجلوس، فأنبني ضميري وخفت من تنجس الطعام وكل ما لمسته بعد ذلك وبيدها الزيت كمناديل الطهي والمقلاة التي بها أيضا من الخارج ومن الداخل من فوق طبقة دهنية متفحمة لا تزول بالغسل، والإناء الذي استعمل لطهي الرغيف والذي تبقى به ترسبات الدهن وتتفحم لكنها تبقى دهنية لأننا في منطقتنا لا نقوم بغسله، والآن كلما خبزت واستعملت تلك المناديل الذي بقي بها بعض الدهن أو المقلاة أخاف من مسألة تنجس الطعام، فماذا أفعل؟
أرهقني الوسواس، وتسبب لي في التقصير في بعض الأمور مما جعلها تزيد وسوستي، وكلما نويت تركه كلية عاد إلي بقوة وتأنيب ضميري بسبب إحساسي بتقصيري أرهقني وأضعف مجابهتي للوسواس، وكلما أردت ذكر الله خفت من تنجس فمي بسبب الطعام، كما أخاف من انتشار النجاسة فيما ألمسه من أغراضي، وإلى ما في ذلك.
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد بلغ منك الوسواس كل مبلغ، وصرت بسببه إلى حد يرثى له، نسأل الله لك العافية، ولا علاج لما تعانين منه سوى الإعراض عن هذه الوساوس كلها، وعدم الالتفات إلى شيء منها، فهذا الصابون الذي غسلت به جسمك لا يحكم بنجاسته إلا إذا تيقنت يقينا جازما تستطيعين أن تحلفي عليه أنه قد خالطته النجاسة، ثم إنك قد غسلت مقعد الحمام غير مرة، فعلى فرض أن الصابون كان متنجسا فقد تطهر المقعد بغسله بعد ذلك، فدعي عنك هذه الأفكار وتلك الأوهام واعلمي أنها من كيد الشيطان لك وتلاعبه بك، فالأصل أنه لا الصابون كان نجسا ولا المقعد محتاج إلى تطهير أصلا، وعلى تقدير تنجسه فقد تطهر بغسله، ثم إن هذه النجاسة من اليسير الذي يعفى عنه عند عامة العلماء، وانظري الفتوى رقم: 134899، فليس ثم ما يوجب هذا العناء البتة وإنما هي وساوس من الشيطان وتلبيسات منه عليك يريد بها أن ينغص عيشك ويفسد حياتك، فإياك وهذه الوساوس، وليس لك من علاج سوى تجاهلها وعدم الالتفات إليها ، فدعي عنك هذه الأفكار وعيشي حياتك بصورة طبيعية تماما غير مكترثة بهذا كله، وانظري لبيان كيفية علاج الوساوس الفتوى رقم: 51601، وإذا اختلف العلماء في مسألة فلا حرج عليك في الأخذ بالقول الأيسر كما ذكرنا ذلك في الفتوى رقم: 181305، ونوصيك بمراجعة أحد الأطباء الثقات كما يمكنك مراجعة قسم الاستشارات بموقعنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني