الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موقف المسلم إذا استهزأ به غيره

السؤال

ما حكم الاستهزاء بالآخرين؟ وهل هذا الموقف استهزاء: كان لي نقاش مع أحد الأشخاص، وهو يقلل من قيمتي، ويستهزئ بي, فقلت له: ممكن أن ادي مهكتك وأنا نايم و...؟ وهل أنا استهزأت به؟ وماذا أفعل لأسكت مثل هؤلاء الأشخاص -فهم كثر-؟ وماذا تكون ردة فعلي تجاههم؟
وشكرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن السؤال غير واضح.

وأما الاستهزاء بالناس: فهو محرم؛ فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ {الحجرات:11}. قال ابن كثير -رحمه الله-: ينهى تعالى عن السخرية بالناس، وهو: احتقارهم والاستهزاء بهم، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: الكِبْر بطر الحق وغَمْص الناس، ويروى: وغمط الناس، والمراد من ذلك: احتقارهم واستصغارهم، وهذا حرام، فإنه قد يكون المحتقر أعظم قدرا عند الله, وأحب إليه من الساخر منه المحتقر له. انتهى.

وقال السعدي: وهذا أيضًا، من حقوق المؤمنين، بعضهم على بعض، أن لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ، بكل كلام، وقول، وفعل دال على تحقير الأخ المسلم، فإن ذلك حرام، لا يجوز، وهو دال على إعجاب الساخر بنفسه، وعسى أن يكون المسخور به خيرًا من الساخر ـ كما هو الغالب والواقع ـ فإن السخرية لا تقع إلا من قلب ممتلئ من مساوئ الأخلاق، متحل بكل خلق ذميم، ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: بحسب امرئ من الشر، أن يحقر أخاه المسلم. اهـ.

وأما إذا استهزأ الأخرون بك: فالأولي هو: الصبر، والصفح, والإعراض عنهم, والتعوذ بالله من شرهم, ويمكنك أن ترد عليهم بقدر ما سخروا منك إن لم يترتب على ذلك ضرر أعظم؛ لقوله تعالى: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ. {الشورى:40-43}.
وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَابْتَدَأْتُهُ، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّه، أَخْبِرْنِي بِفَوَاضِلِ الْأَعْمَالِ. فَقَالَ: يَا عُقْبَةُ، صِلْ مَنْ قَطَعَكَ، وَأَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ، وَأَعْرِضْ عَمَّنْ ظَلَمَكَ. رواه أحمد، وصححه الألباني.

وقد سبق لنا تفصيل ذلك مع ذكر الخيارات الثلاثة المتاحة للمظلوم مع ظالمه، وذلك في الفتويين: 114087، 30075.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني