الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم امتناع المرأة عن فراش زوجها لخبث رائحة فمه بسبب تناوله الحشيش

السؤال

أنا تفكيري مشتت وأريد أن أعرف ما حكم امتناع الزوجة عن الجماع في الحالات التالية:
- رائحة فم الزوج بسبب التدخين وشرب الحشيش؟
- فعله العادة السرية، وعدم غض البصر، فأصبحت أمتنع بسبب عدم رغبتي في زوجي؟
أخبرته أني لا أطيق رائحة فمه، وكان يغسل بمعجون الأسنان، لكن المشكلة أن رائحة الحشيش قوية تخرج من أنفه وتختلط مع رائحة معجون الأسنان، وأحس باختناق أثناء العشرة الزوجية، وزوجي لا يستطيع التوقف عنه، جرب أكثر من مرة ولم يستطع، وإن توقف عنه مصيبة؛ يكسر رأسه، ويضربني، ويكسر البيت، كرهت عيشتي، وأريد الطلاق لكني مترددة، لأنها طلقتي الثالثة إن طلقت، وعندي طفلان.
أريد أن أعرف: هل إذا صبرت على زوجي ولم أنصحه سيجازيني الله؛ لأن الله يعلم أني نصحته حتى وصلنا للطلاق وبدون فائدة؟
فدلوني على المعاملة الحسنة مع هذا النوع من الأزواج، لكن لا تقولوا لي: انصحيه؛ فهذا يحدث مشاكل بالبيت، ويرفض أن أنصحه!

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالواجب على المرأة أن تجيب زوجها إذا دعاها للفراش، ولا يجوز لها الامتناع منه ما لم يكن لها عذر كمرض أو حيض أو صوم واجب أو ضرر يلحقها من الجماع، وقد ورد وعيد شديد لمن تمتنع من إجابة زوجها للفراش بغير عذر؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح" (متفق عليه)
وامتناع المرأة عن معاشرة زوجها بسبب تدخينه السجائر أو الحشيش إن كان لتأذيها من رائحته تأذيًا شديدًا، فامتناعها عن معاشرته جائز، جاء في فتاوى ابن حجر الهيتمي: "وَسُئِلَ عَمَّا إذَا امْتَنَعَتْ الزَّوْجَةُ من تَمْكِينِ الزَّوْجِ لِتَشَعُّثِهِ وَكَثْرَةِ أَوْسَاخِهِ هل تَكُونُ نَاشِزَةً؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: لَا تَكُونُ نَاشِزَةٌ بِذَلِكَ، وَمِثْلُهُ كُلُّ ما تُجْبَرُ الْمَرْأَةُ على إزَالَتِهِ أَخْذًا مِمَّا في الْبَيَانِ عن النَّصِّ أَنَّ كُلَّ ما يَتَأَذَّى بِهِ الْإِنْسَانُ يَجِبُ على الزَّوْجِ إزَالَتُهُ" الفتاوى الفقهية الكبرى - (4 / 208)
أما إذا كان امتناعها عن المعاشرة بغرض ردع الزوج عن التدخين، وفعل العادة السرية، وإطلاق بصره إلى المحرمات، ونحو ذلك من المنكرات، فقد أجازه بعض أهل العلم، قال ابن تيمية -رحمه الله-: "وَتَهْجُرُ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا فِي الْمَضْجَعِ لِحَقِّ اللَّهِ بِدَلِيلِ قِصَّةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا" الفتاوى الكبرى لابن تيمية (5/ 481)
وإذا كان مقصودك أنّه طلقك اثنتين وإذا طلقك كانت الثالثة، وتريدين أن تصبري عليه حتى لا يطلقك، فلا مانع من ذلك، لكن لا تجوز لك إعانته على منكر، ولا الجلوس معه حال تعاطيه المخدرات، وإذا كان في إنكارك عليه مفسدة فلا أقل من الإنكار بقلبك.
والذي ننصحك به: أن تجتهدي في نصيحة زوجك، ولا تيأسي من استصلاحه، واستعيني بالله -عز وجل-، واستعملي الرفق والحكمة، وعاونيه على الأخذ بأسباب علاج إدمان المخدرات، و راجعي الفتوى رقم: 106389.
فإن لم يفد ذلك وبقي على حاله، فالأَولى لك مفارقته بطلاق أو خلع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني