الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

على الزوج منع زوجته من المنكرات وإلزامها بالفرائض حسب استطاعته

السؤال

قبل سنة من الآن تزوجت بزوجتي لكن كنت أعرفها سنتين قبل الزواج، وخلال السنتين قبل الزواج لم نلتق إلا مرتين بحكم أنها تقطن بفرنسا وأنا بالمغرب. كنت أرى بعيدا؛ فالعيش في فرنسا حلم الكثير، خصوصا مع المرأة التي تحب، كل شيء كان -والحمد لله- جميلا، وهي -ما شاء الله- على الرغم من كونها ازدادت وعاشت بفرنسا تصلّي وتحترم ديننا الحنيف.
المشكلة بدأت بعد وصولي لفرنسا؛ حيث كنا نسكن مع أسرتها، وكانت أمها دائما تعاملني باحتقار حيث لم أجد عملا آنذاك، الشيء الذي دفعني للعمل بمدينة بعيدة أعود للمنزل فقط نهاية الأسبوع، وبدلا من أن نستغل هذا الوقت معا تذهب زوجتي مع أمها للتبضع ولا تعودان إلا مساء، وعندما كنت أتكلم معها في هذا الأمر تقول لي: لا أستطيع أن أرفض فنحن نسكن عندها. في أحد الأيام ذهبتا للتبضع، وكنت في البيت مع أخت زوجتي الصغيرة، فجاءت صديقة زوجتي، فأخبرتها بما يضايقني لكي تتكلم معها، فأخبرتني بأن حماتي تتعمد فعل ذلك لمضايقتي! فواجهت زوجتي بذلك فقررت أن أمها مستحيل أن تفعل ذلك، وأنني وصديقتها على خطأ، وأنه لا يحق لي أصلا التحدث مع صديقتها في غيابها.
وهنا بدأت المشاكل حيت أصبحنا نتخاصم بشكل مستمر إلى أن اكتشفت أنها أصبحت تدخن، وتترك الصلاة شيئا فشيئا، وأصبحت تخرج بدون إذني حتى ليلا في بعض الأوقات، وحين أتكلم معها تبدأ في الصراخ، وتقول لي: لا تتكلم معي في هذا، إنه شيء بيني وبين ربّي.
كنت أتمنى أطفالا، لكن الآن أصبحت مترددا خوفا من الطلاق، وخوفا عليهم من التربية السيئة.
أعينوني -جزاكم الله خيرا- فلم أعد أعلم ماذا أفعل معها؟ فأنا أحبها، ولكني أنفر من رائحة السجائر، وميلها لأمها أكثر مني.
هل سيسألني الله عن ما تفعله رغم تحذيري لها وتذكيرها بسوء ما تفعله في الدنيا والآخرة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالواجب عليك أن تمنع زوجتك من فعل المنكرات، وتلزمها بالفرائض حسب استطاعتك؛ فأنت مسؤول عنها، ولك عليها القوامة بمقتضى الزوجية، قال تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ {النساء:34}، قال السعدي -رحمه الله-: " قوامون عليهن بإلزامهن بحقوق الله تعالى، من المحافظة على فرائضه وكفهن عن المفاسد،.." تفسير السعدي - (1 / 177)
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "أَلاَ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ........ وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْهُمْ..." (متفق عليه)
فاجتهد في نصحها، وبيان خطر تهاونها في الصلاة، وأطلعها على كلام أهل العلم في ذلك، وذكرّها بما أوجب الله عليها من طاعة الزوج في المعروف، وبين لها عدم جواز التدخين، ووسائل الإقلاع عنه، وراجع الفتوى رقم: 9169.
فإن تابت، وحافظت على الصلاة، وتركت التدخين، وأطاعتك في المعروف، فأمسكها وأحسن عشرتها، واجتهد في توفير مسكن مناسب مستقل بعيد عن بيت أمّها.
أما إذا لم تستجب لك وتستقم على طاعة الله، فينبغي أن تطلقها؛ قال ابن قدامة -عند كلامه على أقسام الطلاق-: "والرابع: مندوب إليه، وهو عند تفريط المرأة في حقوق الله الواجبة عليها مثل الصلاة ونحوها، ولا يمكنه إجبارها عليها ..و.....

ويحتمل أن الطلاق في هذين الموضعين واجب" المغني - (8 / 235)
وقال أيضًا: ".... وقال في الرجل له امرأة لا تصلي: يضربها ضربا رفيقا غير مبرح......فإن لم تصل فقد قال أحمد: أخشى أن لا يحل لرجل يقيم مع امرأة لا تصلي، ولا تغتسل من جنابة، ولا تتعلم القرآن .." المغني - (8 / 163)

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني